الملف الموحد .. حلم الجميع
أثناء قضائي فترة التدريب للدراسات العليا، متنقلا بين مستشفيات الرياض، صادفت أحد كبار السن في أحد المستشفيات، يعالج مشكلة جلدية، فتعرفت عليه مباشرة، فلقد كنت أتابع حالته سابقا في مستشفى آخر قبل عدة أسابيع، حيث كان يراجع المشكلة نفسها عند طبيب آخر. عندما قابلته تعرف علي وكان محرجا ويلح علي في الطلب ألا أخبر الاستشاري، كي لا يقوم بإغلاق ملفه في هذا المستشفى. كان هذا الرجل يحاول أن يتابع في مستشفيين طمعا في الحصول على رعاية أفضل، حيث كان في اعتقاده أن متابعته مع طبيبين استشاريين ستحقق له ذلك. هذه القصة -وغيرها كثير- نواجهها بشكل مستمر، حيث يقوم المريض بالمراجعة في أكثر من مستشفى للمشكلة نفسها، من دون أن يعلم الطبيب بوجود طبيب آخر يتابع ويعالج هذه المشكلة. لهذا السلوك عديد من المشكلات المحتملة التي يتضرر منها المريض ومقدم الخدمة، منها مسألة تعارض الخطط العلاجية للمريض، وربما تعارض بعض الأدوية، الذي قد يتسبب في عديد من المضاعفات الخطيرة على صحة المريض. على الجانب الآخر إن هذا حتما يتسبب في هدر الموارد، سواء على مستوى وقت الطبيب الذي كان من الممكن أن يُستغل لتقريب موعد مريض آخر، أو إجراء عملية لمرضى على قوائم الانتظار، بدلا من تضييع الوقت مع مريض يحصل حاليا على خدمة علاجية في الوقت نفسه، أيضا من المتوقع أن يكون هناك هدر كبير للأدوية، حيث إن كل طبيب سيقوم بصرف الأدوية للمريض للمدة نفسها، ما سيؤدي حتما إلى تراكم الأدوية لدى المريض، وربما حرمان مريض آخر من ذلك. وبناء عليه فإنها تتجلى لنا أهمية الملف الطبي الموحد في جميع المستشفيات الحكومية، ذلك لترشيد الإنفاق، وتقديم خدمة أفضل لجميع المستفيدين من هذه الخدمة.