رسائل متشابكة

نتاجنا الأدبي وإن كان رسائل، فهناك متخيل، هذا ما لم يستطع فهمه جزء من المجتمع، وما يثبت ذلك ردود فعله حول ما يطرح في الساحة الأدبية وربطه بالمجتمع بشكل غير صحيح.
ما يثبت هذا القول ما أثارته رواية "بنات الرياض" لرجاء الصانع في المجتمع، حتى أن أيضاً هناك عددا كبيرا ممن لم يفكروا في القراءة يوماً كانت لديهم حالة استثنائية مع هذه الرواية ، لمجرد أنها مست المجتمع "بعنوانها" الذي جعلهم لم يتقبلوا ما كُتب عن الفتيات الأربع مقابل حصرهن في أنهن "بنات الرياض"، تمت قراءة العمل، ونقد العمل "مجتمعياً" أكثر من "أدبياً"!، وبعد صدور رواية "المرآة المنعكسة" لسارة الزامل التي تحدثنا حول الخطأ الذي أرادت أن تصححه فوقعت فيه في المقال الذي كان بعنوان (صراعات الروائيين)، لم ينتهوا من محاكمة "بنات الرياض" بعد، حيث فوجئت أيضاً بصدور كتاب "حقيقة بنات الرياض" لفيصل بن سعيدان العتيبي، الذي يحاكم أيضاً الرواية من منطلق اجتماعي.
لست هنا بصدد الدفاع عن رواية "بنات الرياض" ضد ما وجه إليها سلباً، إنما أتيت بها كمقياس واضح على هذا الربط، نعم تحدثت في مقالات سابقة حول وجوب ربط المثقف والمفكر ثقافته وفكره بما حوله سواء المجتمع أو السياسة، وأن المثقف ما عاد يعنيه أن يخرج من دائرة اهتماماته كي يتكون لديه ثراء في البنية، لكن ما دام المثقف لم يرتبط بما حوله و لم يخرج عن دائرته لأخرى، لماذا نحاكمه على ما خرج؟
قد يكتب بعض الروائيين برسالة، ويريد لها أن تصل للمجتمع، سواء مارس الكاتب أيديولوجية في محاولة تصحيح المسار أو سلط الضوء على المشاكل فقط، فهذا لا يعني أن نتعرض للعمل "أدبيا" من منطلق "اجتماعي".
يجب ألا يرتبط العمل بمحيط خارجي ما لم يكن الكتاب قد وصلوا إلى هذه المرحلة مع المحيط الخارج عنهم، لكن المجتمع هناك فيه من يريد أن يقحم كل ما في العالم في شأنه حين يريد وحيث يريد، فما زال أيضاً يرى أن فيه طرح القضايا الاجتماعية في عمل روائي هو بمثابة تعرية ستفضحنا أمام الآخر، بينما السبب الذي لم يستطع حتى الآن أن يعترف به هؤلاء هو أنهم يهربون من حقيقة ما يحدث بعدم تقبل فكرة تذكيرهم بها أو وضعها أمام أعينهم ليرجعوا فيتغافلوا عنها من جديد، دون الأخذ بعين الاعتبار محاولة الوقوف معها.
إذاً فالأعمال الروائية من شأنها أن تتعلق بالمجتمع، ومن شأن المجتمع أن يرى نفسه كما السياسة من خلال الرواية، ولكن على أن يفهم أحدهما الآخر بشكل صحيح حتى تكون الكتابة عنه وله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي