الأبواب المغلقة
من أخطر المفاهيم التي برزت في هذا العصر مفهوم الأبواب المغلقة، يعتقد كثير من الآباء والامهات أن أبناءهم وبناتهم على خير ما يرام حين تتوافر لهم الكماليات من أجهزة وسيارات وأثاث فاخر وملابس على آخر موضة ومصروف جيب يتفاخرون به أمام زملائهم ونمو دراسي لا يعانون فيه الإخفاق، فيتنفس الأهل الصعداء ويظنون أن الأمور "تمام"، العجيب أنهم لا يتساءلون لم أبواب "بعض" المراهقين والمراهقات مغلقة؟
ولا يشغلون بالهم بمناقشة هذا الأمر معهم إما لأنهم يعتبرون ذلك من خصوصياتهم أو لانشغالهم بالمذاكرة والبحث الدراسي أو متابعتهم الألعاب الإلكترونية، لكن للأسف ما يجري أحيانا خلف هذه الأبواب المغلقة قد يكون بمنزلة ديناميت خامد قد ينفجر بأي لحظة، لا شيء في هذا العالم أكثر وجعا من خيبة أمل الأهل بأبنائهم، ما دعاني لطرح مثل هذا الموضوع هو ذلك الصوت المنخفض الذي بدأ يعلو شيئا فشيئا على استحياء مطالبا الأهل أن يكونوا أكثر التزاما بمسؤولياتهم حفاظا على الكيان الأسري الذي قد يتداعى في أي لحظة إن لم نبدأ في مراجعة كثير من حساباتنا في التربية وزرع القيم والأخلاق وغرس أهمية الانتماء للأسرة.
ثلاث رسائل وصلتني في أوقات متقاربة خلال شباط (فبراير) لآباء وأمهات كانوا مذعورين من "بلاوي سودا" اكتشفوها خلف الأبواب المغلقة لأبنائهم، إحدى الأمهات لاحظت أن ابنتها ذات الـ14 ربيعا بدأت في التغير السلوكي من حيث العصبية الزائدة والعزوف عن الطعام حتى فقدت كثيرا من وزنها وتغلق باب غرفتها بشكل دائم، فبدأت بالتنصت عليها فاكتشفت أن صغيرتها تتعرض للابتزاز، والمبتز يستغل حداثة سنها للتأثير العاطفي فيها، حين واجهتها الأم بما عرفت انهارت البنت واعترفت أنها تعرفت عليه من خلال إحدى زميلاتها، فالشاب عمره 32 عاما ومن الواضح أنه يستغل الفتيات المراهقات لسهولة التأثير فيهن عاطفيا.
أما الرسالة الثانية فكانت لأم أخرى مفجوعة لاحظت أن ابنها المراهق الذي كانت تربيه ليكون سندها في الأيام العصيبة "يتنرفز" إذا قامت الخادمة بتنظيف غرفته أو إذا اقترب أي أحد من أغراضه الخاصة وأصبح يقفل باب غرفته بشكل دائم حين يكون موجودا فيها أو خارجها وكانت الصدمة حين اكتشفت تلك الأم أن ابنها منحرف سلوكيا ويميل إلى تقليد الفتيات ويحتفظ بعلب ماكياج وملابس نسائية.
هناك فرق كبير بين الخصوصية والانعزالية فالأولى علينا احترامها والثانية علينا محاربتها.
نكمل في المقال المقبل.