FINANCIAL TIMES

المستثمرون القلقون ينجذبون إلى إغراء الذهب

المستثمرون القلقون ينجذبون إلى إغراء الذهب

إذا كان الذهب أي مؤشر، فهو يقول إن قلق المستثمرين بشأن الوضع العالمي آخذ في الازدياد.
أسواق الأسهم المتقلبة والمخاوف من تباطؤ الاقتصاد العالمي أسهما في ارتفاع الذهب 10 في المائة من أدنى مستوياته في آب (أغسطس)، ما جعله من بين أفضل المعادن أداء خلال هذه الفترة.
إنه تناقض حاد مقارنة بما كان يحدث خلال معظم العامين الماضيين، عندما ارتفعت أسعار الفائدة الأمريكية، والدولار القوي، وأسواق الأسهم المزدهرة وألحقت الضرر بأنصار الذهب وبأسهم شركات التعدين مثل "باريك جولد" و"نيومونت ماينينج" و"جولدكورب". وعندما كان هناك تصحيح في الأسهم الأمريكية في أوائل عام 2018، فشل الذهب في تحقيق أي مكاسب.
بعد مرور عام تقريبا، نجد أن السؤال الكبير هو ما إذا كان 2019 يمكن أن يثبت باعتباره عاما مربحا لامتلاك الذهب، الذي يتم شراؤه عادة للتحوط، أو باعتباره ملاذا يلجأ إليه المستثمرون.
حجم الذهب الحقيقي في الصناديق المتداولة في البورصة ارتفع إلى 71.9 مليون أونصة، مقتربا من ارتفاعه القياسي البالغ 72 مليونا، المسجل في أيار (مايو) 2018.
قال جو فوستر، وهو مدير محفظة في "فان-إيك" في نيويورك "لم نشهد تدفقات مثل هذه منذ النصف الأول من عام 2016 - عندما انطلقت سوق الذهب فعليا".
وأضاف "يبدو أن هناك تغيرا في المشاعر ونفسية المستثمر. بدأ الناس يتنبهون إلى حقيقة أننا متأخرون في الدورة الاقتصادية ويمكن أن ننهيها في العام أو العامين المقبلين. هذا يجذب مزيدا من المخاطر إلى النظام. وهذا هو السبب في أن الذهب يرتفع".
تلك التدفقات، إلى جانب المستثمرين الذين يغطون رهاناتهم مقابل الذهب، ساعدت على تعافي سعر المعدن الأصفر من انخفاض دام 18 شهرا، وصل إلى أقل من 1200 دولار للأونصة في آب (أغسطس) الماضي.
ويرى محللون أن هناك عددا من الأسباب التي تجعلنا نعتقد أن سعر الذهب يمكن أن يرتفع إلى مستوى 1300 دولار ويندفع إلى أعلى من ذلك.
تشمل هذه الأسباب أن أسواق الأسهم لا تزال هشة، وتوقعات بأن الاحتياطي الفيدرالي سيؤجل زيادات أسعار الفائدة هذا العام، إلى جانب وجود دولار أضعف، الأمر الذي يجعل المعدن أكثر جاذبية. أسعار الفائدة الأمريكية المرتفعة تشكل عائقا أمام الذهب، لأن المعدن في هذه الحالة لا يقدم أي عائد.
"جولدمان ساكس"، وهو واحد من أكثر المصارف تأثيرا في أسواق السلع، رفع توقعاته بشأن الذهب الأسبوع الماضي والآن يتوقع أن يصل سعر الذهب إلى 1425 دولارا خلال العام المقبل.
قال توم هول، مدير محفظة "بلاك روك" للموارد الطبيعية "لإلقاء نظرة على الذهب، لا بد لك أولا أن تلقي نظرة على الأسواق الأوسع. إذا واصلنا رؤية مستويات مرتفعة من عدم اليقين في الاقتصاد الكلي وتجنب المخاطر، فمن المحتمل أن يواصل الذهب زخمه الإيجابي".
بعض المستثمرين يعتقدون أن تزايد المخاوف بشأن مستويات الديون الأمريكية يمكن أن يشحذ جاذبية الذهب، وذلك وفقا لجون هاثاواي، وهو مدير محفظة في "توكفيل أسيت مانجمنت" في نيويورك.
في الأسبوع الماضي حذرت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني من أن استمرار الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة يمكن أن يؤدي إلى تخفيض التصنيف الائتماني لديون البلاد، التي تصنفها الوكالة في الفئة AAA.
قال هاثاواي "بدأت الولايات المتحدة تتعامل بنسبة دين إلى ناتج محلي إجمالي جديرة بجمهورية موز. نعتقد أن التعرض للذهب في الوقت المناسب ربما يكون مجزيا".
ارتفاع مستويات الديون أيضا سيجعل من الصعب على الاحتياطي الفيدرالي رفع أسعار الفائدة وتشديد السياسة النقدية، بحسب تيري رايك، وهو مدير محفظة في "سبروت أسيت مانجمنت" في كونيتيكت. وأضاف "أعتقد أن الدولار في خضم ضعف طويل الأجل. لا يمكنك رفع أسعار الفائدة مع هذا الحجم من الديون في النظام دون التسبب في انهيار اقتصادي".
كذلك بلغ شراء الذهب من قبل البنوك المركزية أعلى مستوياته منذ عام 2015، فيما لا يزال عدد من السلطات حريصا على التنويع بعيدا عن الدولار.
ويقدر "ستاندرد تشارترد" أن البنوك المركزية اشترت 500 طن من الذهب العام الماضي. وكانت الصين من بين المشترين، مضيفة نحو عشرة ملايين طن، بعد أكثر من عامين من الحيازات التي لم تتغير.
قال جيمس ستيل، رئيس تحليل المعادن الثمينة في "إتش إس بي سي"، "في حين تهيمن روسيا وكازاخستان وتركيا على مشتريات البنوك المركزية، دخلت مجموعة من البنوك المركزية الأخرى سوق الذهب في القطاع الرسمي العام الماضي".
وأشار ستيل إلى أن القائمة تشمل هانجاريا التي كانت خارج سوق الذهب لعقود، باستثناء مشتريات متواضعة في عام 2017. كذلك اشترى البنك المركزي البولندي الذهب لأول مرة منذ عدة سنوات.
مع ذلك، خيبات الأمل المتعددة للمؤمنين بالسوق الصاعدة للذهب خلال العام الماضي تجعل البعض يشعر بالحذر. لم يخترق الذهب مستوى 1300 دولار منذ حزيران (يونيو).
في الوقت الذي ارتفعت فيه حيازات صناديق المؤشرات المتداولة ETF إلى أعلى مستوياتها في خمس سنوات، لم يضع المتداولون في أسواق العقود الآجلة رهانات كبيرة على أسعار أعلى، ذلك وفقا لـ "آي سي بي سي ستاندرد بانك"، وهي وحدة في أكبر شركة مقرضة في الصين.
قال ماركوس جارفي، محلل في "آي سي بي سي"، "من جهة، يقدم هذا فرصة لاستمرار ارتفاع أسعار الذهب، في حال وصل المستثمرون بثقلهم إلى السوق الآن".
"لكن، من ناحية أخرى، يطرح السؤال لماذا لم يحدث هذا حتى الآن؟ بالنظر إلى عدد المحفزات الموجودة بالفعل. إذا كانت أي من الرياح المواتية الأخيرة للذهب في اتجاهها إلى الانحسار، فإنها تزيد من احتمال فترة استقرار الأسعار".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES