ليست ناقصة!

[email protected]

كان عملاً عظيماً للمرأة السعودية، فجامعة بهذا الحجم والقدرة والتقنية هي دليل على المسار التصاعدي العالي القيمة الذي تلقاه المرأة السعودية من ولاة الأمر، لتعزز مسيرتها، تلك المسيرة التي كانت متعثرة خلال زمن مضى ولاقت كثيراً من الضيم والقمع، ليس إلا.. لكونها امرأة!
نعم فجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن ليست محطات تعليمية فقط، بل هي عنوان لشأن جديد للمرأة السعودية، تواكب النقلة الحضارية التي تعيشها هذه البلاد، فكرياً وحضارياً ونسائياً.
ومع السعادة الغامرة، وبعد كل ما سمعناه وعايشناه، هل حقاً أن هناك من لا يزال يربط بين الإسلام واضطهاد المرأة، بعد أن شاهد الجميع أن أكثر المهتمين بارتقائها هو من يخدم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز؟
من جهتنا ندرك ما تحظى به من لدن القيادة، وندرك أيضا أن ما حدث و للمرأة في بلادنا عبر عقود سابقة غابرة هو نتاج لفكر غير مدرك لماهية الرسالة المحمدية، ممن مزج ذلك مع التقاليد البالية التي عاشها ويعيشها، وهو الذي أكده بسيطرته المتناهية على المرأة، ومحاولة جعلها جارية لا تتجاوز حدود المنزل، وأحسب أن من هذا رأيه فهو جدير بأن يسفه، ويُرفض حتى حضوره المشاركاتي.
الإسلام بريء مما يحدث لأن التاريخ الإسلامي عامر بما يدحض أي تفكير في التقليل من شأن المرأة ودورها في المجتمع، لذا فتعليمها والارتقاء بفكرها واجب ملح على المجتمع بصفة عامة وولي أمرها بصفة خاصة.
ورغم ذلك ومع مناسبة الحدث العظيم فما زال بيننا من يغمز ومن خلال الحوارات أياً كان شأنها على كونها ناقصة دين وعقل، وكأن حديث المصطفى الكريم قد اجتز من سياقه لكي يتوافق مع فهم أولئك .. (يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار، فقالت امرأة منهن جزعة: وما لنا يا رسول الله أكثر أهل النار؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن. قالت: يا رسول الله: وما نقصان العقل والدين؟ قال: أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي وما تصلي وتفطر في رمضان، فهذا نقصان الدين).
المجتزون لم يدركوا أن رسولنا الكريم قد ارتكز إلى المتغيرات الجسدية التي تعنى بها المرأة وتؤثر في نفسيتها وحتى تعاملها وواجباتها ناهيك عن الإصابة بالإحباط والوهن وقلة التركيز والكسل من جراء ذلك، هذا جانب، والجانب الآخر أن الله سبحانه وتعالى قد جعل من المرأة الجنس الأكثر تحملاً للمتغيرات الجسدية، وعليه فإنها من هذا المنطلق قد تترك بعض الواجبات الدينية توافقاً مع تلك المتغيرات كما هي الولادة والحمل والمتغيرات الفسيولوجية الشهرية .. ومن ذلك فإن تعليمنا المدرسي وحتى الثقافة المعلوماتية المكتسبة تؤكد لنا أن ديننا الحنيف لم يقلل من المرأة بل ساواها بالرجل، وزادها قدراً وكرامة بمسؤوليات أشرف وأعلى قيمة وهي الحمل والولادة، وجانب كبير من مسؤولية تربية الأجيال.
المرأة لدينا لم تنزع حجابها، ولم تتهكم بمنظومتها ولم ترفع شعار المساواة ولم تتحد الأنظمة، فهي مازالت في إطار التعاليم الدينية ووسط المتطلبات الاجتماعية .. محافظة متحجبة متسترة، فقط كل ما تحتاج إليه تغييب ورفض أولئك المنظرين الذين يعتقدون أنهم هم من يملك المعلومة كلها.. والآخرون هم الجاهلون، وصدقوني أنها ستكون أكثر إيجابية في مدرستها وعملها ومنزلها وحين تربية أولادها حين يتم ذلك، بل وستنطلق بعلمها نحو آفاق ستزيد وهج هذه البلاد العظيمة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي