زراعة العرب والخبرات السعودية
احتضنت الرياض الأسبوع الماضي الاجتماع الوزاري للجمعية العمومية للمنظمة العربية للتنمية الزراعية بحضور وزراء الزراعة العرب في دورته الثلاثين. وكان هذا الاجتماع ناجحا ـ حسب رأي المراقبين ـ وسار حسبما أعد له مسبقا لأنه دوري يعقد كل عامين خلاف ما فهمه البعض بأنه جاء نتيجة للظروف الراهنة المرتبطة بارتفاع أسعار المواد الغائية ونقص المعروض منها على المستوى العالمي. وصدر عن هذا الاجتماع إعلان الرياض المتضمن أهمية التعاون والتكامل العربي في مجال الاستثمار الزراعي وتبادل المعلومات وغيرها من البنود التي تضمنها هذا الإعلان. وتميز هذا الاجتماع من حيث الزمان والمكان، فالزمان جاء متزامنا مع فترة حرجة سواء على المستوى المحلي أو المستوى العالمي سمتها تسليط الضوء على القطاع الزراعي كمصدر رئيس للغذاء، والمكان هو مدينة الرياض التي دوما ولله الحمد تأخذ الصدارة في حسن التنظيم لكل اجتماعات أو مؤتمرات تعقد فيها. وفي هذا الاجتماع برزت الخبرات السعودية التي تراكمت سواء في الجانب الإداري أو الفني في القطاعين العام والخاص بدءا من حسن تنظيم هذا الاجتماع وتهيئة الظروف المناسبة هيأتها كوكبة من الكوادر السعودية المؤهلة بقيادة محمد بن عمر الصقهان المستشار والمشرف العام على مكتب وزير الزراعة ومعاونيه ما أعطى انطباعا للضيوف بما يتميز به الفرد السعودي من حُسن تخطيط وتنفيذ ودقة في العمل. أما الجانب الآخر فهو تعرف الوزراء العرب ومرافقيهم على وضع القطاع الزراعي في المملكة وما تتميز به المملكة من نهضة زراعية. وعكس هذا الوضع المعرض الزراعي المصاحب للاجتماع الذي احتوى على الأنشطة الزراعية المتعددة سواء في المجال النباتي أو الحيواني أو الثروة السمكية، وكذلك مدخلات ومخرجات هذا القطاع واستعراض أهم مراحل تطور هذا القطاع الذي بدأ بطرق بدائية باستخدام الحيوانات التي كانت عاملا مساعدا في ذلك النشاط وكانت الوسائل الفاعلة لإتمام عمليات الزراعة، وكانت البدائية سائدة في جميع مجالات القطاع الزراعي رغم محدوديته، إلا أن الحال تغير مع التغيرات التي حدثت في المجتمع السعودي نتيجة التغيرات الاقتصادية في منتصف السبعينيات الميلادية من القرن الماضي، وتحققت معها منجزات تنموية في هذا القطاع أحدثت معها نقلة نوعية، مثل جودة المنتجات الزراعية سواء النباتية أو الحيوانية والتركيز على الاستفادة المثلى من الميز النسبية للموارد الطبيعية والبشرية في هذا القطاع مما حقق نموا سنويا متزايدا ومساهمة إيجابية في الناتج المحلي وتعددت معها المنجزات التنموية في هذا القطاع وصاحبتها نقلة نوعية في استخدام التقنية التي توطنت في القطاع الزراعي التي تولدت معها الخبرات الوطنية وتراكمت فانقادت الشركات والمؤسسات الزراعية الكبرى في هذا القطاع للخبرات المحلية، على عكس بعض القطاعات الإنتاجية الأخرى وأسهم حُسن التنظيم والمعرض المصاحب في تغيير الصورة الذهنية لدى الأشقاء العرب عن القطاع الزراعي والمستوى التقني له وتعدد منتجاته وما يتميز به من دور إيجابي في تحقيق الأمن الغذائي للمملكة.
والله ولي التوفيق،،