«التطنيش» و«التسليك» في زمن الضجيج

في هذا الزمن الذي يعلو فيه حولك ضجيج الأجهزة الإلكترونية والذكية ووسائل التواصل الاجتماعي والخلافات الشخصية والمجتمعية والتصارع من أجل أن يثبت كل واحد وجهة نظره، وضجيج لهاثك في الحياة للحصول على لقمة عيشك وأنت تكابد زحام الشوارع و"نفسية" بعض المديرين و"شللية" بعض الزملاء، وضجيج طلبات الأسرة التي لا تنتهي والتزاماتك الاجتماعية الأخرى، فإنك لا تكاد تجد وقتا مستقطعا للحظات هدوء تستمتع بها أو لحظات تأمل تشحن روحك من جديد وتمنحك استرخاء أنت تحتاج إليه فعلا!
وسط كل هذا الضجيج لا بد أن تكون متسلحا بأهم مهارتين علمتني الحياة أنهما من أهم المهارات الحياتية التي يجب أن تتمتع بها لأنهما ببساطة ستفيدانك في الحد من ارتفاع الضجيج، وكذلك ستفيدانك في حماية صحتك ـــ بإذن الله ـــ من الضغط والسكر والقولون العصبي والهم والغم. أولهما مهارة "التطنيش" وتعني ألا تدقق على كل صغيرة وكبيرة، ولا ترفع سقف توقعاتك كثيرا حتى لا تصاب بصدمة عمرك التي ستفقدك عقلك حين تكتشف أنك رغم كل عطائك وبذلك ومساعدتك من حولك وتفضيلك لهم كثيرا على نفسك فإنك ستصدم في النهاية حين تدرك أنك لا تعني شيئا مهما بالنسبة لهم، وحين "تتشره" عليهم من باب "في الفرح منسي وفي الحزن مدعي" ستسمع من التبريرات ما يسمم بدنك ويقلب عالمك ويهيج القولون عندك، فنصيحتي لك، عليك بمهارة "التطنيش" جربها مرة ومرتين وثلاثا. في البداية ستجد صعوبة ولكن مع الأيام ستعتاد عليها ولن يهمك ما يحدث حولك من منغصات وتجاهل وعدم تقدير، ودوما اجعل عطاءك لله فقط ولا تنتظر شكرا من أحدهم!
المهارة الأخرى "التسليك"، ستقابل أشخاصا سواء كانوا قريبين منك أو معارف، ستشعر أثناء حوارك معهم أنك تسبح ضد التيار ومهما كنت سباحا ماهرا فستشعر بالوهن يدب في عضلات يديك والإنهاك يقتلك ولن تصل معهم إلى أي شاطئ أمان، وربما ارتفع عندك الضغط والسكر وأنت تتجادل معهم، فالحوار بالنسبة إليهم مصارعة حرة لا بد من الضربة القاضية، مثل هؤلاء "سلك" لهم وحاول التوقف عن الحوار معهم بأقل الخسائر، فحتى التوجيه النبوي الشريف للحبيب عليه الصلاة والسلام أشار بذلك "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا".
فكم من حوارات سكن فيها الغضب والانتصار للنفس تحولت لجرائم مروعة!
في زمن الضجيج جرب هاتين المهارتين وريح مخك!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي