سبتمبر .. أسئلة مطروحة وأجوبة مستعصية
بعد سبع سنوات منذ وقوع أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) عام 2001م، لم تعد الرواية الرسمية الأمريكية هي الرواية الوحيدة المتداولة، فبعد انقشاع غبار الأحداث وتجاوز صدمة المفاجأة، يتم اليوم تداول رواية أخرى مخالفة للرواية الأمريكية الرسمية، بل إن هذه الرواية تذهب لأبعد من ذلك حين تشكك في كل ما جاء فيها وتكذب كل سياقها، وتبني فرضياتها على أدلة وشهادات متخصصين أجمعت على أن ما حدث مغاير لما جاء في رواية الإدارة الأمريكية ومخالف لفرضيات لا تتناسق معها ولا تتوافق مع ما جرى بدءا من كيفية انهيار برجي التجارة العالمية العملاقين رأسيا وسقوط المبنى رقم 17 المجاور لهما بعد ساعات من وقوع الهجمات، وانتهاء بالغموض الذي لف تعرض مبنى البنتاغون لهجوم بطائرة لم توجد لها بقايا، والرواية الأخرى ترتكز على اتهامها للإدارة الأمريكية بالكذب وإخفاء الحقيقة على أن ما جرى كان ضخما ومعقدا مما يعني استحالة حدوثه من وراء ظهر الإجراءات الأمنية المحكمة لدولة عظمى كالولايات المتحدة وخصوصا رواية ضرب مبنى البنتاغون الذي يحظى بطوق أمني هو الأقوى والأعقد على وجه الأرض، والذي يصعب اختراقه بتلك السهولة.
السؤال هنا هو هل فعلا كذبت الإدارة الأمريكية على الرأي العام الأمريكي والعالمي في روايتها للأحداث واتهامها منظمة "القاعدة" التي اعترف بها زعيمها "ابن لادن" وتفاخر بتخطيطها وتنفيذها ..؟
والسؤال الآخر كيف تم التعرف على هوية المنفذين بالأسماء والصور بعد ساعات فقط مع أنه يفترض أن تكون كل الأدلة قد اختفت وذابت مع انصهار البرجين ولم يبق أثر لأدوات الجريمة ..؟
والسؤال الآخر الأكثر أهمية هو كيف أستطيع كشف المخططين والمنفذين ومعرفة خطوات ما جرى خلال ساعات، ولم يستطع كشف المخطط وهو في دور الإعداد لأشهر إن لم يكن لسنوات ..؟
لاشك أن هنالك حلقات مفقودة هي التي لفت ومازالت تلف هجمات من الحادي عشر من (سبتمبر) بكل هذا الغموض، وهو غموض يتوافق مع رغبة طرف ما لإخفاء الحقيقة، ومن المؤكد أن تحديداً قاطعاً ونهائيا لمخطط ومنفذ تلك الهجمات سيكون محل تساؤلات ستستمر لعشرات السنين القادمة، تماما كما حدث مع اغتيال الرئيس الأمريكي الأسبق جون كيندي في ستينيات القرن الماضي، وكذلك جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، والتي لم يستطع تحقيق دولي استمر لسنوات كشف مرتكبيها حتى اليوم، فما بالنا ونحن أمام حدث أكثر دموية وأعقد تنفيذا من مجرد اغتيال ..؟
أهمية الرواية المعارضة والمفندة للرواية الأمريكية الرسمية تبرز في عدة عناصر لها مدلولاتها البعيدة، أولها أن معظم متبني هذه الراوية المعارضة هم من الأكاديميين والمفكرين والمتخصصين الأمريكيين، وثانيها أنها تشير إلى اتهام الإدارة الأمريكية الحالية بأن لها ضلعا فيما جرى، وأن ما حدث ليس بعيداً عن أسماعها وعيونها، وثالثها وهو الأكثر إثارة أنها تبرئ منظمة "القاعدة" من تهمة ارتكاب 11 (سبتمبر)، وفي ذلك تكذيب للإدارة وللقاعدة معا ..!
بعد هذا العرض، الذي بينت فيه الرواية المناقضة للرواية الأمريكية الرسمية حججها واستدلالاتها، وفي ظل هذا الغموض الذي يلف الحدث ووجود حلقات فيه مفقودة تجعل الحقيقة ضبابية غير واضحة المعالم، يبقى السؤال من هو المسؤول عن هجمات 11 (سبتمبر)، هل هي القاعدة فعلا ..؟ أم جهات أخرى لها مصلحة في إيجاد تبرير لأحداث أخرى ..؟ هناك من يشير بأصابع الاتهام لمفاصل في التيار اليميني المتشدد المعروف بـ "المحافظين الجدد" بأنها ليست بعدية عن دائرة الاتهام بالأحداث، وأنه بحكم انتماء إدارة بوش الجمهورية لهذا التيار لوجود واحد من أخطر صقوره فيها مثل نائب الرئيس تشيني، لماذا لا يكون هذا التيار هو المخطط لها من أجل إيجاد ذريعة لشن حرب واسعة باسم محاربة الإرهاب "الإسلامي" للقضاء على ما اعتبر بالعدو الأخضر الإسلامي بعد انتهاء العدو الأحمر الشيوعي ..؟ وهل من الممكن إذا صح افتراض مسؤولية القاعدة عن الأحداث كما اتهمت بها، أن تكون قد تحالفت مع تيار في اليمين المتطرف ..؟ أو أن تكون قد سهلت لها السبل وترك عناصرها يخططون وينفذون حتى يقدموا التبريرات لشن ما سمي بالحرب العالمية على الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة وفي ظل إدارة يمينية متطرفة ..؟ الأسئلة ستظل مطروحة ولكن الأجوبة ستبقى مستعصية.