بيت الجدة .. ونهاية الأسبوع
مهما اعتقدت أنك أصبحت كبيرا فإنك ستظل طفلا في نظر والديك، حتى وإن غزا الشيب شعرك وضعف نظرك وتجاوزت الـ 60، وأصبح لك أحفاد فستظل نظرة الطفل التي يحملها لك والداك هي نفسها لا تتغير، وهي نظرة لن تحظى بها من أي إنسان على وجه هذه الأرض باستثنائهما! لكن ألا تتفق معي يا صديقي القارئ أننا نحمل شيئا من الأنانية في داخلنا والرغبة في "امتصاص" آخر نقطة من عطاء الوالدين وخصوصا الوالدة، وهذا أمر مؤسف من ناحيتين الأولى، أنه مهما كان الإحساس بالعبء والتعب و"الكرف" الذي تشعر به والدتك فلن توضحه لك حتى لا تجرحك، الناحية الثانية، أنها تستمتع بما تقدمه لك فتدوس على كل المنغصات ولو كان الثمن راحتها وصحتها. لكن ما يحدث في بيت الجدة بنهاية الأسبوع هو استنزاف بمعنى الكلمة!
ـ أنا هنا لا أتحدث عن تلك الجدة المترفة التي تحظى بوجود الخدم والسائقين والمساحات الشاسعة في بيتها "وما يفرق" معها، بل أتحدث عن تلك الجدة المسكينة التي عصرتها الحياة عصرا في بدايتها وصبرت وتحملت شظف العيش حتى كبر الأبناء والبنات وتزوجوا، لتتنفس الصعداء وتتمكن في النهاية من الالتفات لنفسها ومنزلها فتبدأ في ترميمه وتزيينه وشراء الأثاث الجميل الذي كانت تحلم به، والحديقة التي كان قلبها يهفو إليها، وتجد لها مساحة من الحرية للتزاور مع الجارات والصديقات، والذهاب للأسواق والدعوات الاجتماعية، لكن "كأنك يا بو زيد ما غزيت". لن تمر بضع سنوات إلا ويعود لها كل صباح أحفاد بناتها الموظفات، وفي نهاية اليوم يمرون عليها ليستلموا الأطفال منها غير مدركات فعليا للجهد المبذول الذي تقوم به الجدة طيلة هذه الساعات الطويلة مع أطفال مشاغبين، والمشكلة أن البعض يتوقع منها "نقصة" غداء بعد!
ـ في نهاية الأسبوع الذي بذلت فيه الجدة طاقتها وجهدها يوميا مع أحفاد مشاغبين، فإنها تتمنى في داخلها نهاية أسبوع ترتاح فيها وتلتقط أنفاسها، لكن ما يحدث عكس ذلك تماما، حيث يتحول بيتها "لحراج" وساحة مفتوحة لشقاوة الأحفاد و"حوستهم" و"تطنيش" البنات، والمسكينة تتفرج على أثاثها وتحفها وحديقتها وهي تتعرض للتخريب والحسرة تأكل قلبها وما تقدر تتكلم خوفا من "زعل" بناتها، وبعضهن بنهاية الأسبوع يرمين بأطفالهن عليها ويقضين الوقت "بالفرفرة" في المطاعم والأسواق. والجدة الله أعلم بحالها مع "هالبزارين"!
سؤال ..
متى تدرك مثل هؤلاء الأمهات الأنانيات أن أمهن تتألم من الداخل لكنها تتحمل فقط حتى لا تكدر خواطرهن؟!