عندي مشكلة
وصلتني رسالة عبر بريدي الإلكتروني تخبرني صاحبتها بمأساتها وما حدث لها من ظلم في حياتها، وكيف أن زوجها انتزع أطفالها منها بلا رحمة بسبب اتهامات باطلة تم قذفها بها من قبل والدته وشقيقاته نتيجة الغيرة التي كن يشعرن بها، خاصة أن زوجها كان يعشقها بشكل كبير حتى أهلها أصبحوا ينظرون لها بعين الشك والريبة. وفي نهاية الرسالة تقول "لقد أغلقت الدنيا أبوابها في وجهي ولم يبق لي خيار سوى الانتحار".
- إشكاليتنا في الحياة كبشر أننا نعتقد أن مشاكلنا التي نمر بها لم يمر بها أحد من العالمين، وكثرة تركيزنا عليها تجعلها تتضخم وتتخذ حجما أكبر من حجمها الحقيقي، لو أن صاحبة المشكلة نظرت بواقعية للأمر لأدركت أن ما مرت به فيه خير لها، فالحب الحقيقي تصقله المشاكل، وتجعله أقوى. وحب زوجها لها تهاوى عند أول اختبار، كذبها وصدق شقيقاته دون أي تثبت أو أدلة، كيف ستكون حياتها لو أنها أكملتها مع مثل هذا الزوج؟
- في القرآن الكريم يضرب الله دوما لنا الأمثال للتأسي وتخفيف الحزن والمسح على الروح برفق، حتى ندرك أننا لسنا الوحيدين الذين نمر بالمصائب والأوجاع، بل هي سنة الحياة التي تتقلب بنا في كل اتجاه مثل بحارة فوق مركب وسط المحيط لا تسير أيامهم على وتيرة واحدة بل تنقضي ما بين مد وجزر وعاصفة وهدوء وشروق وغروب.
- لو أن صاحبة المشكلة تأملت حادثة الإفك التي تعرضت لها سيدتنا عائشة -رضي الله عنها- وهي زوجة خير البشر -عليه الصلاة والسلام-، وكيف تحدث أهل المدينة عنها، وكيف كانت دوائر الشك تكبر من حولها، وكيف قاومت وصبرت رغم قسوة الموقف ووجع الظلم، وكيف نصرها الله من فوق سبع سموات وجعل براءتها قرآنا يتلى إلى يوم القيامة.. لاطمأن قلبها ولما كان خيار الانتحار من ضمن اختياراتها.
- طريقة تعاطينا مع مشاكلنا تحتاج إلى غربلة وإعادة نظر. أغلب الناس إن لم يهرب من مواجهة مشاكله، فإنه يقوم بتضخيمها والتركيز عليها، وتصوير حياته وكأنها انتهت لمجرد مروره بالمشاكل، ثم تبدأ الدراما في وضع صور على الـ"سناب" والـ"واتس" تتحدث عن سوداوية الحياة وقسوة البشر ووجع الأيام، ولو فكر لدقائق فقط لوجد أن كل ما يحدث له هو خير له (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم).
- حتى الأنبياء لم تخل حياتهم من المشاكل، فهي من نسيج الحياة، فقط الأموات لا مشاكل حياتية لهم.