أما آن الأوان لحل إشكالية المؤسسات الفردية؟

لطالما كانت ولا تزال المؤسسات الفردية تعتبر أحد المصطلحات التي تدور حولها إشكالات قانونية عديدة، وليس المصطلح هو الإشكال في حد ذاته بل تكييف ما يدل عليه خصوصا من حيث التطبيقات لها تنفيذيا وقضائيا.
تبدأ المشكلة وأساسها وجوهرها في أن المؤسسات الفردية لا يوجد لها نظام أو تنظيم أو لائحة تنظمها، ولذلك فالمؤسسات الفردية عند تعريفها تكون التعريفات هي بناء على تطبيق الواقع لها أو ربما بناء على تجارب دول أخرى دون أن يكون مستند هذه التعريفات نصا قانونيا محددا.
مع ذلك فالتطبيق العملي لهذه المؤسسات الفردية عند استخراج سجلات تجارية لها فإنها تمثل الفسح لممارسة الأنشطة المرخص بها من قبل وزارة التجارة. وبالتالي يتم التعامل مع المؤسسة بشكل عام على أساس التعامل مع صاحب المؤسسة، ويعتبر صاحب المؤسسة مسؤولا عن ديون الشركة والتزاماتها مسؤولية شخصية في جميع أمواله. وهذه الجزئية وهي كون المؤسسة يتم التعامل معها والبناء فيها على شخصية صاحب المؤسسة تكاد تكون غير مدركة إدراكا حقيقيا عند عدد من أصحاب المؤسسات، وعادة يكون الدافع لافتتاح مؤسسات فردية هو سهولة الإجراءات فيها بما في ذلك قلة التكاليف فيها وخفة الرقابة عليها وقلة القيود الواردة عليها مقارنة بالشركات. وإن كنت ربما أتفق في عدد من الجوانب التي يعتقد أصحاب المؤسسات فيها أنها جوانب إيجابية أو أنها الأسباب التي تجعلهم يفضلون اختيار المؤسسة على أي خيار آخر إلا أن مشاكل المؤسسة ولا سيما المالية منها قد تكون سلبية إلى درجة أنه لا يمكن لأي إيجابية للمؤسسة الفردية أن تفضل المؤسسة الفردية على الشركات.
كما يظهر أحد إشكالات المؤسسة عند رغبة صاحب المؤسسة في بيعها وهو ما يحدث كثيرا، ويتم التعاقد على بيعها فإن الإشكال يكمن في الالتزامات والديون التي كانت على صاحب المؤسسة قبل بيعها عند حدوث النزاع بشأنها، فهل سيكون صاحب المؤسسة الأصلي مساءلا عنها حتى بيعها أو أن صاحب المؤسسة الجديد هو المساءل عنها؟ هذا التساؤل قد يبدو واضحا أو أوضح في حالات شراء الشركات (الاستحواذات مثلا) عند تحرير العقد يتم الاتفاق على مسائل الديون والالتزامات وحسم ذلك من خلال عقد الاستحواذ أو الشراء. أما في حالة المؤسسات الفردية فالمسألة قد تتعقد وتتخذ شكلا مختلفا عند حدوث النزاع ورفعه للقضاء، وأحد أهم الأسباب في هذا الاختلاف هو عدم وجود نظام ينظم المؤسسات الفردية من خلال تحديد ماهيتها وتنظيم أحكامها، ولعلي أشير في مقالة لاحقة إلى بعض الإشكالات التي تحوم حول المؤسسات الفردية ـــ إن شاء الله تعالى.
ختاما، أردت أن أشير إلى أهمية وجود نظام أو تنظيم ينظم أحكام المؤسسات الفردية وهو الحد الأدنى من الحلول الذي كان ولا يزال ينبغي أن يتخذ وقد يكون هو ربما الحل الأمثل في الوضع الحالي، أو أن يتم إلغاء المؤسسات الفردية الحالية عن طريق التخيير في تحويلها إما إلى شركة ذات شخص واحد أو أي نوع من أنواع الشركات الأخرى التي نص عليها نظام الشركات الجديد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي