من يوقظ .. "مكافحة التسول" من سباتها؟!
يبدو أن التسوّل في مجتمعنا أخذ مناحي أبعد في ظل الغفلة التي تبديها الجهات المسؤولة عن هذه الظاهرة المقيتة، ولاسيما أن آخر موضة لهذه الظاهرة تمثلت في اقتحام المنازل وبشكل دنيء ومتخلف، فقد ذكر لي أكثر من صديق وقريب مفاجآت كانت تنتظرهم وهم في منازلهم بعد قرع الجرس، ليفاجأ بمجموعة أو فرد واحد وهم يستغيثون لاهجين بالدعاء وطلب النجاة والصحة لصاحب الدار .. والمقابل معونة مالية تسد رمقه أو بعض جياع في بلده الذي اضطرته ظروفه إلى مغادرته.
هنا لا أبدأ بالمطالبة بطرد أو حتى نهر السائل، لأن الله سبحانه وتعالى قال في محكم آياته "وأما السائل فلا تنهر " لكن كيف هو الحل تجاه من يقتحمون البيوت حالياً لأجل التسول؟ قد نقول إن ظاهرة التسوّل المنتشرة جداً عند إشارات المرور والأسواق وعند المساجد وحتى عبر السيارات الجائلة قد تكون مقبولة نوعاً ما، لبعدها عن الخصوصية الشخصية جداً، لكن أن يصل الأمر إلى المنازل ، وما يعنيه ذلك من مخاطر أكبر، فتلك مصيبة وأي مصيبة، ولاسيما أن من يجرؤ على قرع باب منزل لا يعرفه، ستكون لديه الجرأة أيضاً أن يفعل أشياء أخرى لا سمح الله.
أعود إلى هذه الظاهرة التي تمارس من قبل منتمين لدولة عربية مجاورة، مع التأكيد أن الأمن الاجتماعي حق مشروع لكل مواطن ومقيم على أرض هذه البلاد، وإذا ما استمرت الظواهر السلبية في الانتشار حتى تصل إلى داخل المنازل "أحشفا وسوء كيلة" لكن كيف هو الحال وما الحلول تجاه هذه الظاهرة؟ خاصة أنها تجاوزت البعد الاجتماعي لتدخل في الشأن الأمني للمنازل.
إن مجتمعنا برمته يرفض هذه الظاهرة من خلال التكافل الاجتماعي الذي استمده من دينه الحنيف، ناهيك عن أنه مجتمع تعود الاعتماد على نفسه حتى خلال الظروف الصعبة قبل النفط، ولم يطأطئ رأسه، ولم يمد يده إلا الشواذ والقلة الذين لم يكونوا يمثلون أي نسبة من ذلك المجتمع النبيل.
ومع هذا التطور يبدو أن عدم وجود الرقيب ومعه العقاب وفي ظل عدم الاهتمام سيجعل من هذه الظاهرة أكثر تفاقماً، ونخشى أكثر أن ينسحب إليها من جراء سهولتها بعض من شبابنا، لأن لا رقيب ولا حسيب إلا الله سبحانه وتعالى، في ظل أن إدارة مكافحة التسول مستمرة في البيات السنوي ولن يجرؤ أحد أن يوقظها من سباتها.
أقول إن التغاضي عن هذه المهنة الشاذة كفيل بجعلها مهنة لكثير من العاطلين من شبابنا من أولئك الذين يرغبون في حياة سهلة دون عمل، ولاسيما أنهم سيتعلمون من هؤلاء الوافدين كيفية الكسب السهل ، ووسط غياب الرقيب ، وغياب المسؤولية الاجتماعية لدى بعض جهاتنا الحكومية ، حسبنا الله ونعم الوكيل.