«دلوني على السوق»
هاجر عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إلى المدينة وليس معه من أمواله وتجارته إلا بضع دريهمات، فقد ترك كل شيء خلفه في مكة المكرمة، وآخى النبي ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ بينه وبين سعد بن الربيع، فقال له سعد: أنا أكثر أهل المدينة مالا، فانظر شطر مالي فخذه، فقال له: بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني على السوق.
وخرج من يومه إلى السوق فباع واشترى وابتدأ في التجارة غير عابئ بما تركه وراءه من بساتين وتجارة وبيوت في مكة المكرمة، وغير عابئ بخسارته لأمواله الطائلة التي استولى عليها كفار قريش، لم يقل كيف أبدأ في البيع والشراء من جديد وأنا من كان يشار إلي بالبنان كأغنى أغنياء مكة، فقط قال "دلوني على السوق"، حيث باع واشترى وربح واستطاع في فترة وجيزة أن يعوض خسارته أضعافا مضاعفة!
في حياتنا كبشر نضع دوما معايير للحكم على الأشخاص، من خلالها نستطيع أن نحكم إن كان الشخص يستحق الاحترام والثقة أم لا، فالخاطب يتم التحري عنه بدقة من قبل أهل المخطوبة، والموظف توضع له فترة تجربة لاختبار مدى إنتاجيته وأهليته للوظيفة، والعامل تحدد له فترة ثلاثة أشهر للحكم على مدى ملاءمته للعمل من عدمها، لكن سيدنا عمر بن الخطاب كان له معيار خاص يحكم من خلاله على الرجولة فقد كان يسأل عن الرجل ويقول ما عمله..؟ فإذا قيل له إنه بلا عمل هنا يقول "لقد سقط من عيني"!
_ قانون «دلوني على السوق» يجب أن يتم تدريسه في مناهج أبنائنا ويزرع في عقولهم حتى يؤمنوا به ويعملوا بمقتضاه. ليس مهما ماذا تعمل ما دام في حدود الدين والقيم والأخلاق، ادرس قدراتك جيدا وابحث عن العمل التجاري الذي تهواه وتجد أنه يلامس شغاف روحك وتوكل على الله وابدأ. لا تنتظر وظيفة مكتبية قد تقتل طموحك، ولا تجد نفسك فيها لمجرد أن من حولك زرعوا في عقلك أن الوظيفة أمان، فالبطالة التي يعيشها بعض الشباب هم من اختاروها طواعية فأهدروا سنوات من أعمارهم في انتظار وظيفة ربما لو حصلوا عليها لأشعرتهم بالسأم والملل والروتين وقتلت أحلامهم!
- لا تتسول الريال والعشرة من والديك ما دامت الصحة والعافية تجري في عروقك!
- قانون "دلوني على السوق" هو القانون الذي سيبني علاقاتك الاجتماعية والشخصية والمالية والاقتصادية ويشعرك بثقتك بنفسك وأنك قادر بعون الله على تحقيق أحلامك!
كل ما عليك الآن فعله هو أن تجد لك مكانا في السوق!