المنظرون الجدد للبرد!!

[email protected]

مازلنا نتحسس أيدينا ونلف وجوهنا خوفاً من موجة برد شديدة، تعصف بنا من جديد، ليس إلا.. لأن ليس لنا قدرة على مكابدة الصقيع أو حتى الاغتسال بالماء البارد، فنحن صحراويون جبلنا على سخونة الجو .. وحين تبلغ درجة الحرارة على الأقل دون العشرين بقليل، فهذا مصدر احتفال وفرصة للنزهة والمكشات، لكن دون العشر فذلك غريب جديد لم نعرف له حلولاً من قبل!
والسبب أن كانون الثاني (يناير) قد هلّ وعشنا أجواءً لم نعرفها من قبل، تحسسنا أجسادنا فلم نبلغ منها ملمساً من فرط تراكم الملابس عليها .. كيف لا؟! ونحن بتنا من أهل الجليد ولدينا أماكن قد بلغت دون الصفر حرارةً.
كنّا ندعو أن يعجل الله بأيام "البراد" التي تنسينا الحر اللافح ذلك الذي يدعوك إلى التأفف وحتى الاختناق .. لكن يبدو أن لنا موعداً مع الاثنين ..واللافت في بردنا هذا أن له أبطاله وله أيضا منظروه ولا سيما أنه أصبح محور الحديث وأساسه "إعلاماً ومكاتب ومنازل واستراحات" .. وكعادة الظواهر لدينا فأبطالها حاضرون يتهامسون ويتوقعون .. الأجواء كيف ستكون.. واللزمة الأساس لديهم الوعيد والتهديد بأمواج برد تجعل من الطير يتجمد وهو في السماء .. هم لا يستندون إلى المواقع الإنترنتية التي تبني توقعاتها على قراءات ودراسات في معظمها صحيحة ، لكن هم يبنونها على ما تجود به أنفسهم ، وهيئة هؤلاء دائماً مميزة فهم من أهل "الخلاقين" من الملابس المتراكمة ممن يخشون البرد وكأنه سيصيبهم في مقتل .. وأحسبهم كمنظري الأسهم ينطلقون في توقعاتهم من خلال هواجس مرعبة تسيطر عليهم من أن يقتلهم البرد أو حتى يعوقهم.
ما علينا من المنظرين.. لكن بردنا هذا العام غير، مما جعلنا نتغنى بالتدفئة الصناعية ونرفع من سعر الحطب والكيروسين إلى أسعار مضاعفة.. برد جعلنا نهب لنفرغ كل ما في الأسواق من ملابس ثقيلة.. برد أعادنا لنذكر الفضل الكبير لشمسنا التي ما برحت تتلقى اللوم وأحياناً الشتائم من فرط ما سلخت جلودنا وأوجعت رؤوسنا بحرارتها اللاهبة .. بتنا نحب الشمس ونجدها ملاذا جيدا واحتجابها ولو مؤقتاً يقلقنا.
المتغيرات البردية لهذا العام كثيرة لكن الأهم أننا بتنا نشتاق للصيف .. ذلك الذي يقلّبنا تحت لظاه أشهراً كثراً .. لكن ما نشتاق إليه أكثر أن يرزقنا الله ربيعاً جميلاً تُنميه وتسقيه أمطار خير وبركة.. وكل شتاء وأنتم بخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي