هيئة المحاسبين و دعم وزارة المالية

[email protected]

كتبت قبل عدة أشهر عن أهمية دعم الهيئة السعودية للمحاسبين القانونيين كي تقوم بأداء أعمالها على الوجه المطلوب الذي يطمح إليه مسؤولو الهيئة والمتابعون لأعمالها ومنجزاتها من مسؤولين حكوميين أو غيرهم، ووجهت دعوة صادقة لوزير المالية لرفع الدعم الذي اعتادت أن تقدمه للهيئة والبالغ مليون ريال سنويا، وبلغني أن الوزارة رفعت دعمها إلى مليون ونصف المليون خلال العام الحالي.
معضلة الهيئة من وجهة نظري، أن معظم المسؤولين لا يعلمون الكثير عن إنجازاتها ولا عن المهام الجسام التي أوكلت إليها، رغم أنها في غاية الأهمية وتتجاوز كثيرا دور تنظيم وتطوير مهنة المحاسبة والمراجعة في المملكة إلى الحفاظ على سلامة النظام المالي وتخفيض مخاطر الائتمان وتشجيع الإقراض ودفع العمل الاقتصادي لآفاق أوسع وغيرها كثير، فلا يمكن تمرير أية قرارات إقراض من قبل البنوك دون تقارير مالية أعدت بناء على معايير محاسبية واضحة وشاملة ومراجعة من قبل مراجع حسابات مؤهل تتوافر لديه وفريق المراجعة التابع له صفات التأهيل المهني الكافي التي تساعده على أداء عمله بالجودة التي تتطلبها معايير المراجعة والتي اعتمدتها الهيئة ولا يمكن أيضا المضي في قرارات الاستحواذ والاندماج وتقرير علاوات الإصدار ولا شراء شركات ولا تمويلها ولا الاستثمار في أسهمها دون تقارير مالية يعتمد عليها.
أعود للهيئة التي لا تحظى بالدعم الكافي من وجهة نظري لأقول إن هيئات ومجالس أخرى مماثلة للهيئة تحصل اليوم على ملايين الريالات من وزارة المالية وربما عشرات الملايين كإعانات سنوية في حين أن الهيئة رغم جسامة عملها لا تتقاضى سوى مليون ونصف المليون ريال وهذا في ظني يحتاج إلى وقفة من قبل مسؤولي وزارة المالية.
وزارة المالية قامت في وقت سابق بدعم هيئة المحاسبة والمراجعة لدول مجلس التعاون الخليجية بمقر تبلغ قيمته عشرة ملايين ريال وهي خطوة نشيد بها لكننا في الوقت نفسه نطالب الوزارة بمقر لهيئتنا الوطنية التي نفاخر بمنجزاتها ولا تزال تمارس عملها في دور ملحق خارجي في وزارة التجارة لا تتوافر فيه مقومات المبني الإداري المناسب لمثل عملها ولا يكفي لمواجهة حاجاتها وهي لا تستطيع مغادرته منذ أكثر من 15 سنة.
هيئتنا الوطنية لجأت لرجال الأعمال لتمويل بعض مشاريعها وبرامجها المهمة، في حين لا تزال مشاريع وبرامج أخرى تنتظر التمويل مثل برنامج مراقبة جودة الأداء المهني لمكاتب المراجعة الذي أعتبره من أهم البرامج التي تخدم الاقتصاد الوطني وتحمي نظامنا المالي من أية اختلالات مؤذية مثل تلك التي حدثت في الولايات المتحدة عندما أهمل مراجع حسابات شركة إنرون في عمله وتسبب في انهيار الشركة العملاقة.
لقد انشرح صدري وأنا أسمع كلمة وزير التجارة في الحفل الذي أقامته الهيئة قبل عدة أسابيع للاحتفال بالحاصلين على زمالتها وخاصة إشارته إلى أن الهيئة التي يترأس مجلس إدارتها قد تطور من نظامها الأساسي كي تتمكن من مزاولة عملها بحرية أكثر عن طريق تفعيل دور المنتسبين للمهنة، وهذا يعني أنها ربما تصبح أكثر استقلالية في قراراتها من ذي قبل، الأمر الذي يتطلب سرعة تأمين مقر لها ودعم بعض برامجها ومشاريع معاييرها.
اعترف أن المهنيين والمهتمين بمهنة المحاسبة والمراجعة في المملكة هم مهنيون من الطراز الأول ولا يجيدون عملا آخر غير هذا في حين أن زملاءنا المهندسين استطاعوا الحصول على دعم يتجاوز الدعم الذي حصلت عليه هيئة المحاسبين بأربعة أضعاف وهم يطالبون اليوم برفع هذا الدعم ليصل إلى ما يزيد على 30 مليون ريال، ونحن بدورنا نؤيد مطالبهم ونطالب بمثل ما طالبوا به فعمل الهيئتين متقارب وهما أيضا توجدان في ملحق واحد في وزارة التجارة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي