عندما لا يتبع الرجال القادة
شاركت وغيري من الأخوات الفاضلات خلال الأسبوع الماضي في مناسبتين رسميتين نظمتهما جهات غير ربحية وجهات حكومية. المناسبة الأولى هي أحد اللقاءات التحضيرية للقاء الوطني السابع للحوار الفكري "مجالات العمل والتوظيف: حوار بين المجتمع ومؤسسات العمل" في مدينة جدة الثلاثاء والأربعاء 10-11 ذو القعدة 1428هـ، المـوافق 20 -21 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007م، والذي نظمه مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني.
والمناسبة الثانية في جدة أيضاً في أيام الأربعاء والخميس والجمعة 11-12-13 ذو القعدة 1428هـ، الموافق 21-22-23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2007 م، وكانت ورشة عمل لوضع خطة استراتيجية لتطوير منطقة مكة المكرمة ونظمتها "مجموعة الأغر للفكر الاستراتيجي" التي تضمنت نخبة المفكرين السعوديين في مختلف المجالات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والعلمية في القطاعين الحكومي والخاص، بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة مكة المكرمة.
ولعل الكثير من الناس شاهد المناسبة الأولى في التلفزيون، أما الثانية فكانت حصرية على المشاركين فقط ومثل هذه المناسبات هي التي تجعل العقل والقلب يسيران في خطين متوازيين، بسبب الإحساس والشعور المتزايد بأن القيادة الحكيمة هي السبب في مشاركة المرأة في هذه المناسبات.
ومشاركة المرأة للرجل في الحوار والتخطيط لشؤون المجتمع والدولة هي مبادرة كانت حلماً للقيادات الوسطية النسائية والمفكرة وكل امرأة سعودية في هذا الوطن الغالي.
وهذه المبادرات تماثل المبادرة القيادية الملكية لخادم الحرمين الشريفين، عندما اصطحب في رحلته للهند والصين نخبة من النساء السعوديات في مجالات متنوعة ضمن الوفد السعودي.
وهذه المبادرات المبدعة ولن تكون الأخيرة، هي رسائل إيجابية للمجتمع والمرأة السعودية بأن تستعد وتحمل سلاح الدين والعلم والمعرفة والعقل والاتزان، لأن المستقبل واعد بمشاركات أكبر، وأن المرأة بالفعل نصف المجتمع ولها الحق والقدرة على المشاركة وإبداء الرأي الصحيح، لتخرج الطاقات المدخرة لديها لما فيه مصلحة المجتمع.
والسبب أن القيادة تُمارس على أصولها وكما يجب أن تكون، القيادة التي هي بمثابة النجم الساطع في السماء، المرشد والدليل لكل من لا يجد طريقه، وقوة القيادة الصحيحة هي القدرة على تحفيز البشر واستخراج أفضل ما لديهم كي يتمكنوا من الإنجاز، ولن يكون هناك أفضل من بناء هذا الوطن يدا بيد.
ودور المرأة أصبح الآن واضحا ولن تعوقها العادات ولا الأعراف المنادية بالحجر على حياتها وإرادتها وعقلها وفكرها وأطفالها.
ولو كان الرجال يتبعون حقاً خطى القيادة ومبادراتها الرائعة فلن يكون هناك المزيد من زوجة تطلق عنوة من زوجها لعدم كفاءة النسب، ولن ترغم فتاة بالزواج كمقايضة من شيخ سجين، ولن تعاقب ضحية اغتصاب مهما كانت الأسباب، ولن يسلب ظلماً أطفال رضع من حضن الأمهات، ولن نسمع عن اغتصاب المحارم، ولن تهان وتحقر أي طالبة سعودية من زملائها الطلبة السعوديين خارج الوطن، ولن نرى اعتداءات بحق المرأة السعودية كإنسان وأم وزوجة وابنة وأخت، كل ما يمكن أن تكونه المرأة لمجتمعها وعائلتها.
لن يكون هناك المزيد من انتهاكات لحقوق المرأة السعودية لأنه سيكون هناك عقاب وجزاء، ستكون المرأة مشاركة في صُنع قراراته.
المستقبل تصنعه أحداث الماضي وتغيره الأحداث الحالية فسنرى قريباً القاضي العادل الذي يستشير المرأة المناسبة في الحكم على قضايا المرأة، وسنرى قريباً الوزير الرشيد الذي يستشير المرأة المناسبة في إصدار القرارات التنظيمية الخاصة بالمرأة.
فالمرأة السعودية لا تطالب بالمساواة، بل تطالب بالإنسانية والعدل اللذين وفرتهما لها الشريعة الإسلامية والمشاركة في صنع القرار، خاصة في شؤون المرأة، ولنا في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدوة لقوله "خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء" و"النساء شقائق الرجال".
فكما تفخر القيادة بنساء الوطن لا شك أن الأوان قد آن لكي يحترمها وينصفها ويقدرها العسكري والقاضي وأستاذ الجامعة والطالب والبائع ورجل الشارع وموظف الحكومة وكل رجل في كل موقع وقطاع، صغيرا كان أو كبيرا.
وإلا ما الحال إذا لم يتبع الرجال خطوات قادتهم؟