إصلاح القانون طريق الازدهار الاقتصادي

هناك مقولة تقول: "إن سهولة القوانين والمؤسسات تؤدي إلى زيادة تطور التنمية والاستثمار"، فهل هذا صحيح؟
لنأخذ مثالا على ذلك، ففي الفلبين يحتاج المشتري لأرض ما إلى 168 خطوة إجرائية من خلال مراجعة 53 مؤسسة! وتأخذ مدة ثبوت الملكية من 13 إلى 25 سنة لاكتمالها! والصورة ذاتها تتشابه في عدد من البلدان العربية وغيرها. إذا؛ من هذا المثال يتضح كم هو حجم ضياع الوقت والمال من أجل إجراءات روتينية يمكن اختصارها في خطوة واحدة ربما بتبسيط القانون مع جودة هيكلته! هذه المشكلة أيضا لها أثر تراكمي يهرب منه رأس المال والمستثمرون، وله أثر مباشر آخر في الحد من سرعة النمو الاقتصادي.
لو أراد الباحث أن يبحث عن أول خطوة للإصلاح وتعزيز التنمية والازدهار الاقتصادي؛ فإنه يجب أن يبحث أولا عن الأنظمة والتشريعات القانونية حول الموضوع الذي يرغب في معالجته. حيث لا يمكن إصلاح أعضاء الجسد وقلبه مريض! والقلب هنا هو القانون.
القانون في حد ذاته هو وضع حوافز للشعوب من أجل العمل الجيد والصالح، إضافة إلى تطبيق عقوبات أيضا على من يخالف القانون ويعطل مسيرة الإصلاح والتنمية. وربما يعد القانون خلاصة حضارة البشر ومدى تقدمها، فعند دراسة قانون المال أو التجارة؛ فإنه من خلالهما يمكن معرفة مدى تقدم تلك الدولة وحداثتها في المال والتجارة. وبعبارة أخرى؛ فإن القانون هو خلاصة الفكر والحضارة التي وصل إليها الإنسان في تلك الدولة.
أعود لدور القانون في التنمية، حيث يسهم القانون في عديد من عوامل التنمية والنمو الاقتصادي بشكل مباشر وغير مباشر. ومنها أن جودة القانون ووضوحه يخففان من المخاطر التجارية التي يتعرض لها المستثمر، حيث من خلاله يعرف هل سيضع استثماره في بيئة آمنة يسودها قانون واضح وقوي أم لا؟ لننظر مثلا في مشكلة متكررة في غاية الأهمية بالنسبة للمستثمر، ففي حال حصول خلاف بين المستثمرين وكانت هناك مستحقات مالية على أحدهم، وأحيانا يصدر في حقه حكم قضائي، ولكن المشكلة أنه ربما احتفظ ذلك المحكوم عليه بمبلغ ضخم محكوم به لمصلحة الآخر لفترة طويلة وربما يستثمره دون أن يكون عليه أي عقوبة، نتيجة تلك المماطلة تحديدا! وهذه الحالة من أكبر أسباب التلاعب لدينا وضعف موثوقية التجار ببعضهم، وهي تسهم بشكل كبير في إبطاء الاستثمار وإضعافه بلا شك.
السؤال هنا: ما حل هذه المشكلة؟ هل هو بالمعالجات الفردية القاصرة؟ أم أن الوضع يحتاج إلى معالجة قانونية صارمة تحد من التلاعب وعدد المتلاعبين؟ بالتأكيد فإن الجواب هو ضرورة المعالجة القانونية لهذه المشكلة وتوفير آليات قضائية تمكن القضاء من كشف التهرب أو المماطلة، وسن عقوبات رادعة لمثل هذه الحالة وهكذا في نقاط كثيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي