الفساد .. والخدمات الإلكترونية
التقرير الذي تضمن مؤشر تصنيف أداء الخدمات الحكومية الإلكترونية المقدمة للمستفيدين، الذي تضمن وضع 54 في المائة من الجهات الحكومية في القائمة الحمراء نتيجة عدم قدرتها على تقديم خدمات إلكترونية للعملاء بشكل كامل أو بشكل جزئي. التقرير صادر عن برنامج يسر للتعاملات الإلكترونية الحكومية من خلال مرصد الخدمات الإلكترونية. النتيجة بالفعل محبطة ومخيبة للآمال، وتفتح المجال للتساؤل عن علاقة الفساد ببطء تطبيق الحكومة الإلكترونية، وهدر الموارد المالية الكبيرة للدولة في مشاريع تقنية فاشلة. حجم الإنفاق على قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات في السنوات الماضية يتخطى نصف تريليون ريال. رغم كل هذا الإنفاق يظل لدينا 63 جهة من 117 ضمن مستوى غير مقبول. 14 جهة فقط حققت التميز في تقديم خدماتها الإلكترونية.
"لا.. للخدمات الإلكترونية" مقال نشر في صحيفة "الاقتصادية" عام 2010 تحدثت فيه عن تعقيدات تطبيق الحكومة الإلكترونية، ودور ذلك في حرمان المستفيد من تسهيل الخدمات، والمكاسب التي ستحققها الدولة من خلال القضاء على البيروقراطية، وفرص الفساد، والهدر المالي الذي قد يتسبب في إضاعة فرص كبيرة على اقتصادنا. والآن وبعد مضي خمس سنوات ونصف السنة تقريبا أجد أن الحال هو الحال وأن الفارق الوحيد هو صرف وهدر مبلغ نصف تريليون ريال دون محاسبة أو مساءلة.
الخدمات الإلكترونية أو تطبيقات الحكومة الإلكترونية ليست نوعا من الترف الذي نسعى إلى تحقيقه، هي أداة مهمة من أدوات إصلاح الوضع الإداري وتحقيق مستوى عال من الكفاءة في استخدام الموارد المالية والبشرية والتجهيزات من أجل تطوير بيئة العمل والقضاء على فرص الفساد المالي والوظيفي.
كثيرة هي خدماتنا التي لم ترتق أو تتطور باستخدام التقنية ومن أهمها، خدمات البلدية في النواحي التجارية، خدمات المصارف والتحويلات، التعاملات الإلكترونية، خدمات الصحة والتعامل مع الملفات والمواعيد، خدمات المرور وغيرها كثير، والحجج كثيرة وأغلبها واهية.
وزارة المالية رغم كونها من الجهات التي أطلقت برنامج التعاملات الإلكترونية "يسر"، والوزارة بأنظمتها العتيقة ترفض اعتماد التعاملات الإلكترونية في معاملاتها المالية، بل إن كثيرا من الجهات أصبحت تعمل إلكترونيا، وورقيا من أجل الإيفاء بالمتطلبات المالية للأنظمة الخاصة بوزارة المالية. وهنا نتساءل: هل البرنامج نفذ من أجل المباهاة؟.
الطريق شائك وطويل، ويحتاج إلى إرادة وصبر ومتابعة، ثم مساءلة عن أسباب التأخر في التنفيذ رغم ما يقدم من دعم مالي. وهنا أرى أن الأمل معقود بعد الله على قدرة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد الذي يرى في تطوير الخدمات الإلكترونية أداة من أدوات الرقابة وتحسين الأداء من خلال لوحة قيادة حكومية على الإنترنت لمتابعة أعمال الجهات المختلفة والتعرف بشكل آني على مستويات الخدمات المقدمة ورضا العملاء والمستفيدين لتسهل محاسبة كل مسؤول عما أوكل إليه من أمانة. وهذا بالتأكيد سيصب في مصلحة تطوير وتفعيل حوكمة القطاع العام وتحسين أدوات الرقابة والمساءلة من أجل رفع كفاءة الأداء وتحقيق تنمية مستدامة لأجيال المملكة الحالية والقادمة.