ممارسات الإدارة الرشيدة «حوكمة»

سأنطلق في هذا المقال مما رواه الكاتب الأمريكي توماس فريدمان Thomas Friedman المنشور في صحيفة "سبق" لعدد 25 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015. وبحكم أن اللقاء تم مع سمو ولي ولي العهد رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، الذي تحدث فيه عن رؤية الإصلاح في المملكة، وما يهمني هنا هو تجذير مفهوم الحكم الرشيد، حوكمة الإدارة العامة للدولة وتطبيق أدوات الشفافية والمشاركة والمساءلة من أجل مستقبل المملكة.
جاء في الحديث المنشور ما نصه: "ما كان يفتقد هو قيادة مستعدة لتوجيه هذه الطاقات نحو الإصلاح. دخل محمد بن سلمان ولي ولي العهد، ابن الملك الجديد سلمان، جنبا إلى ولي العهد المعتدل محمد بن نايف، وشرع في مهمة تحويل الكيفية التي تحكم بها السعودية". من خلال النص السابق يمكن تأكيد ذلك من خلال تفعيل دور المجالس الرئيسة في البلد، وتقليص العدد لتحقيق التأثير المطلوب.
كما ذكر الكاتب: "وبطاقته المتفجرة رسم خططه بالتفاصيل. مشروعه الرئيس (الحديث هنا عن سمو ولي ولي العهد) هو لوحة قيادة للحكومة على الإنترنت، من شأنها أن تعرض أهداف كل وزارة بشفافية، بمؤشرات الأداء الرئيسة الشهرية التي سيحاسب بناء عليها كل وزير مسؤول. فكرته هي أن تشارك كل أطراف البلاد في الأداء الحكومي. أقول لكم أيها الوزراء: منذ أن قدم محمد بن سلمان، القرارات الكبرى التي كانت تستغرق سنتين يتم تنفيذها الآن في غضون أسبوعين". تطبيق نظام حوكمة فعال يستلزم وجود أدوات فعالة للرقابة تستقي نتائجها من مؤشرات قياس تعد بدقة لتحديد الأهداف ويتم قياس نتائجها بمشاركة مجتمعية من جميع الأطراف ذات المصالح. وذكر الكاتب: "وقال الأمير محمد إن تبسيط الحكومة هو أمر حيوي، ليساعدنا على محاربة الفساد الذي يعتبر أحد أهم التحديات الرئيسة التي تواجهنا".
من خلال الاقتباسات الماضية يتضح لنا توجه الحكومة في مجال التسريع بإجراء الإصلاحات الحكومية، وتطوير آليات عمل القطاع العام التي يمكن أن يتنبأ بها من أجل تطبيق ممارسات الحوكمة الجيدة للقطاع العام، التي تركز على قدرة الدولة على صياغة الأهداف وتحقيق المشاركة المجتمعية في تقييم الأداء وتطبيق المساءلة على مؤسسات وأفراد القطاع العام، ما يسهم في رفع كفاءة الأداء للمؤسسات العامة، ويسهم في تحقيق أهداف تطبيق نظام الحوكمة في القطاع العام التي تنبع من:
- تحقيق الشفافية والعدالة وضمان الحق في المساءلة.
- تحقيق الحماية اللازمة للملكية العامة مع مراعاة مصالح المتعاملين مع مختلف مؤسسات الدولة، والحد من استغلال السلطة العامة وتضارب المصالح.
- تمكين الأجهزة الرقابية من أداء عملها باستقلالية وموضوعية.
- رفع الثقة في الاقتصاد المحلي، وتوسيع دائرة الاستثمار المحلي والأجنبي.
- المساهمة في تحقيق الرخاء والاستقرار للمواطنين.
- تحقيق بيئة تنافسية تتسم بالعدالة وتكافؤ الفرص، وإيجاد فرص قيادية للشباب.
لذا يمكن القول إن ممارسات الإدارة الرشيدة في القطاع العام تسير فعليا في طريقها الصحيح لتحقيق جميع الأهداف المذكورة من أجل الارتقاء بالوطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي