عندما يكون الموت... أمنية

الموت.. والخوف من الموت يتساوى البشر جميعهم في مشاعرهم نحوه فندعو لمن نحب (بالعمر المديد) كما ندعو على من نكرههم (بأن يحصيهم الله عددا ويقتلهم بددا).
"والموت" حق .. ونهاية كل حي ولا نتمناه إلا في حالة (الشهادة) أو (المعاناة) من أمراض شرسة شديدة كما قال المتنبي:
كفى بك داء أن ترى الموت شافيا وحسب المنايا أن يكن أمانيا

والموت – في عالم الحيوان – لا يعتبر حدثا مأساويا يثير الحزن ويجلب الهموم، فلا عزاء يقام، ولا رثاء يقال... وليس فيه ديات، ولا تارات، ولا حقوق، حتى أن الحيوان ينظر لأخيه الحيوان وهو يذبح أو يفترس، ينظر إليه بهدوء نظرة خاطفة، ثم يجتر أكله، غير آبه بهذه النهاية – إلا فيما ندر - .. لماذا؟ أعتقد – والله أعلم – أن الحيوان لا يهمه الموت، كما يهم الإنسان، لأنه (أي الحيوان) سواء مات أو افترس، لن يفقد شيئا سوى حياته.
لن يفقد سكنا يقيه من أذى المخلوقات الأخرى، ولا لباسا يحجبه أو يحميه من تقلبات الطقس.
ولن يفقد أهلا وعملا ووطنا وصحابا وأحبابا.
ولن يفقد هناء ورخاء يحس بهما بين حين وآخر..
ولن يفقد كل أطايب الحياة التي سخرها الله لبني آدم أو طوعها الإنسان لنفسه وجنسه.
لن يفقد الحيوان إذا مات إلا حياة تسودها شريعة الغاب.. ملاحقا طريدة أو هاربا من مفترس...
والحيوان بالتالي ليس مقبلا بعد موته على حساب أو عقاب.. فمآله التراب الذي يتمنى الكافر أن تكون نهايته الأبدية نهاية الحيوان.
لهذا، فإن الحيوان لا يخشى الموت.. مثلما يخشى الأذى... فالموت بالنسبة له نهاية عذاب وبداية تراب.
وإذا تساوت حياة الإنسان بالحيوان - كما في العراق الآن – عندما يفقد الإنسان أمنه – والأمن أهم نعمة – ويفقد أهله وعمله هناءه ورخاءه ودخله وأصحابه وأحبابه.. فإن الموت بأي طريقة كانت لا تخيفه حيث لن يفقد شيئا إلا (حياته البائسة) وبعضهم شعاره شعار الشاعر إبراهيم طوقان الذي قال:
أتضيع يا وطني وها عرق العروبة فيّ نابض فلأذهبن فداه قومي في غمار الموت خائض
وآخرون شعارهم شعار أحمد شوقي الذي قال:
ذروني وشأني والوغى لا مباليا
إلى الموت أمشي أم إلى الموت أركب
وما شهداء الحرب إلا عمادها
وإن شيد الأحياء فيها وأطنبوا
ولسان حاله يقول:
ويصلى عليّ حيا شهيدا
أو أروى من النجيع لسنانا

وبعضهم شعاره شعار المتنبي الذي قال:
ذل من يغبط الذليل بعيش
رب عيش أخف منه الحمام
من يهن يسهل الهوان عليه
ما لجرح بميت إيـــلام
واحتمال الأذى ورؤية جانيه غذاء تضوي به الأجسـام

وندعو الله أن يحق الحق ويزهق الباطل آميـــن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي