الرسائل خلف استقالات الأعضاء من المجالس

تؤدي مجالس الإدارات في الشركات المساهمة دورا محوريا في أعمال الشركة وتنفيذ إستراتيجيتها كما أن للمجالس دورا أساسيا في تفعيل الحوكمة والعمل المؤسساتي في الشركات وصولا إلى الأهداف التي تسعى لها وحماية حقوق المساهمين على وجه العموم.
يستند دور المجلس إلى 6 عناصر أساسية تمثل التوجه الإستراتيجي، الإشراف والرقابة، حماية حقوق ومصلحة المساهمين، رفع مستوى الامتثال والحوكمة، تعيين وتقييم دور الإدارة التنفيذية وتمثيل المنظومة أمام الجهات ذات العلاقة الأخرى والتي تربط الشركة بها علاقة وأعمال كان ذلك مع الجهات المنظمة، المساهمين وحتى المسؤولية الاجتماعية للشركات.
يتابع مجلس الإدارة وضع الإستراتيجية العامة بما يتوافق مع أهدافها وتطلعات مساهميها ويتماشى مع الصورة العامة لتنفيذ الأعمال، ذلك أن الإستراتيجية تمثل الخطة الأساسية التي تشكل خارطة الطريق لأي منظومة، يتطلب وضع الإستراتيجية إلى واقعية طموحة تلبي الأهداف وتتماشى مع الظروف السائدة وإلا أصبحت الإستراتيجية عرض جذاب غير قابل للتطبيق.
هنا يأتي دور المجلس بالمصادقة على الخطة الإستراتيجية ومتابعة تنفيذها بما توائمها من ميزانيات ومؤشرات للأداء، فالمتابعة تأكيدا لسير الشركة ضمن خارطتها الأساسية.
يحمل أعضاء مجلس الإدارة على أكتافهم أعباء المسؤولية التي تمثلها الأنظمة والقوانين فلمجلس الإدارة دور رقابي صارم يحمله المسؤولية تجاه الإخفاق بالتقيد بالأنظمة والقوانين إلى جانب اللجان المنبثقة عنه والمشكلة بموافقته، أيضا فإن على المجالس مسؤولية تجاه المصادقة على البيانات والتقارير المالية الصادرة عن الشركة.
يمثل جانب حماية حقوق المساهمين ومراعاة مصالحهم دورا محوريا لمجلس الإدارة لكونه يمثل النتيجة الأساس لكل الأعمال الأخرى فالإستراتيجية المحترفة والمنفذة بدقه تعظم ثروات المساهمين وتنمي حقوقهم، الأرباح، قيمة الشركة، التوزيعات النقدية والعدالة لعموم المساهمين في التصويت والمشاركة في صنع القرارات الجوهرية للشركات.
يمثل دور مجلس الإدارة ميزانا يحفظ التوازن بين التنفيذ والحوكمة والرقابة المالية وحماية وتعظيم حقوق المساهمين. من الجهة الأخرى استمرت الجهات المشرعة في تطوير الأنظمة الخاصة بالمجالس بما يعزز دورها ويضبط قراراتها ويجعل أعضاءها عرضة للمساءلة أمام المشرعين والمساهمين إذا حدث أي تقصير وإهمال فأصبحت مجالس الإدارات مركز تكليف لا تشريف للأعضاء المنتخبين مستقلين وتنفيذيين.
بالتزامن مع استمرار تطوير التشريعات الخاصة بمجالس الإدارات شهدت الشركات المساهمة السعودية زيادة في معدل الاستقالات منها بالمقارنة بين العامين 2023 و2024 بحسب التقرير السنوي لهيئة السوق المالية بلغ إجمالي الأعضاء المستقيلين 91 عضوا في العام 2024 بالمقارنة مع 76 عضوا للعام 2023 بزيادة قدرها 19.7% مثلت استقالات الأعضاء المستقلين 55% منها، حيث بلغ عدد أعضاء مجلس الإدارة المستقلين الذي غادروا مقاعدهم 50 عضوا.
وفي حالات متعددة مثلت الاستقالات الجماعية تكرار في أكثر 3 حالات هذه الفترة لأسباب متعددة. تمثل الاستقالات أولا: حالة طبيعية لاختلاف المسببات وصحية لتجديد الدماء بما يخدم الشركات كما أن هذه الاستقالات هي بمثابة الرسائل للمساهمين عن حال الشركات وتوجهها على العموم.
بخلاف الفترات الماضية شهدت الاستقالات تنوع في مسبباتها فأصبح الأعضاء أكثر شفافية في تسبيب الاستقالات فلم يعد ذلك مرتبطا فقط بالظروف الشخصية كما اعتدنا في السنوات الماضية، بل اشتملت الاستقالات على مسببات تخص سير الأعمال، الإستراتيجيات والأدوار وتوافق المجلس فيما بين أعضائه وأيضا الإدارات التنفيذية وهذا أمر صحي للشركات وأمانة واجبة من الأعضاء تجاه مساهمي تلك الشركات .
إن هذه الأسطر البسيطة لأسباب الاستقالة والتي قد لا تتجاوز 5 كلمات، مهمة لإعطاء المساهمين تصورا عميقا عن الحالة العامة للشركة واتجاهها فهي رسالة يجب ألا يتراجع عنها أي عضو، حفاظا على مصلحة من صوتوا لهم واستأمنوهم على قيادة الدفة.

الرئيس التنفيذي للاستثمار BLME Capital

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي