هل تؤدي تصريحات باول في جاكسون هول إلى انخفاض قيمة الدولار عالميا؟

هل تؤدي تصريحات باول في جاكسون هول إلى انخفاض قيمة الدولار عالميا؟

هل تؤدي تصريحات باول في جاكسون هول إلى انخفاض قيمة الدولار عالميا؟

عندما يصعد رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي جيروم باول إلى منصة مؤتمر جاكسون هول غدا الجمعة، ستتجه إليه الأنظار، ليس فقط من الحضور والمشاركين في المؤتمر، بل من الخبراء والمتابعين للاقتصاد الأمريكي والدولي، إضافة إلى السياسيين في الولايات المتحدة وعلى رأسهم الرئيس دونالد ترمب.

أهمية الكلمة التي سيلقيها باول لا تعود فقط إلى أنها مشاركته الأخيرة في هذا المؤتمر قبل انتهاء ولايته في مايو المقبل، بل لأنها تأتي في وقت يواصل فيه الرئيس ترمب انتقاد سياساته. فقد غرد قبل يومين متهما إياه بأن رفضه خفض أسعار الفائدة أضر بقطاع الإسكان، فضلا عن تغريدات سابقة دعاه فيها للاستقالة بحجة أن سياسته النقدية تعرقل "الرؤية الاقتصادية الترامبية".

لهذا تتابع الأسواق خطاب باول من كثب، إذ إن أي تغيير في نبرته سيكون له أثر مباشر في الأسهم والسندات والدولار، فضلا عن الجدل السياسي حول استقلالية الفيدرالي.

الإجابة عن 3 أسئلة
الدكتور ميلر لين، الاستشاري السابق في اللجنة المالية في بنك إنجلترا، يرى أن باول سيحاول الإجابة عن 3 أسئلة رئيسية هي "هل ستقود الرسوم الجمركية إلى موجة تضخمية طويلة؟ كيف سيتعامل مع سوق العمل بعد أن كشفت بيانات التوظيف الأخيرة علامات تباطؤ لافتة؟ وأخيرا، هل يتجه الفيدرالي إلى خفض الفائدة في اجتماع سبتمبر المقبل؟".

ويقول لـ"الاقتصادية": "إن باول يدخل المؤتمر في موقع دفاعي، محاصرا بين بيانات اقتصادية متباينة وضغوط سياسية متصاعدة، ما يجعل خطابه اختبارا لاستقلالية الفيدرالي وقدرته على الموازنة بين مخاطر التضخم وتباطؤ النمو".

على مدى سنوات، شكل مؤتمر جاكسون هول منصة لإشارات الفيدرالي بشأن توجهاته. ففي العام الماضي ألمح باول عبر المؤتمر إلى قرب خفض الفائدة، لكن إن لم يكرر ذلك هذه المرة، فقد يفاقم التوتر مع ترمب.

المحلل المالي أندرو جورج يتوقع أن يتخلى باول عن حذره ويلمح إلى خفض الفائدة. ويشير لـ"الاقتصادية إلى أن "وكالة رويترز أفادت بأن متعاملي العقود الآجلة يتوقعون بنسبة 85% خفضا بمقدار ربع نقطة الشهر المقبل، مع خفض إضافي مماثل بنهاية العام. ورغم أن التضخم لا يزال أعلى من مستهدف الفيدرالي البالغ 2% عند مستوى 3% حاليا، فإن الأداء الاقتصادي العام جيد، وأي إشارة للتيسير النقدي ستنعش الأسهم، وهو ما يراهن عليه ترمب".

ويضيف "لكن إذا واصل باول حذره، فقد يكون رد فعل الأسواق سلبيا، مع تداعيات أطول مدى وتوتر أكبر مع البيت الأبيض".

الطلب على الدولار سيتراجع
غير أن الأثر الأهم لخطاب باول لا يتوقف عند الأسهم أو السندات، بل يمتد إلى وضع الدولار، فترمب يراهن على أن انخفاض قيمته سيعزز الصادرات الأمريكية.

وفي هذا السياق، تقول لـ"الاقتصادية" أستاذة الاقتصاد الدولي أنابيل إبيسون، "إذا أعلن باول أو ألمح بقوة إلى خفض الفائدة، فإن الطلب على الدولار سيتراجع أمام العملات الرئيسية مع بحث المستثمرين عن عوائد أعلى، ما سيؤدي إلى تعزيز أسعار السلع المقومة بالدولار مثل الذهب والنفط والمعادن".

وتوضح أن ضعف العملة قد يخفف الضغط عن بعض الدول الناشئة المثقلة بالديون بالدولار، لكنه في الوقت نفسه قد يدفع المستثمرين إلى التحول نحو أسواق أكثر مخاطرة بحثا عن عوائد أفضل.

يمكن القول إنه مهما كانت نبرة باول في جاكسون هول، فإن تأثيرها لن يقتصر على قاعات المؤتمر أو على سجال سياسي بينه وبين البيت الأبيض. فانعكاسات كلمته ستصل سريعا إلى المستهلك الأمريكي الذي يترقب أسعار الفائدة على قروضه العقارية، وإلى الشركات التي توازن بين التوسع أو التريث، وإلى الحكومات في الأسواق الناشئة التي تراقب مسار الدولار. بكلمات أخرى، ما سيقوله باول قد يرسم ملامح الاقتصاد الأمريكي والعالمي للأشهر المقبلة.

الأكثر قراءة