هبوط المؤشر والاقتصاد
مؤشر سوق الأسهم السعودية يواصل انخفاضاته ويتذبذب في حاجز العشرة آلاف نقطة، ويعتقد البعض أن انخفاض مؤشر سوق المال هو بالضرورة مؤشر لضعف الاقتصاد، أو على الأقل مؤشر تخوف وارتباك، وهذا الاعتقاد عارٍ عن الصحة تماماً، ولا أدل على ذلك من تبوُّء السعودية المرتبة السادسة عالميا في إجمالي الاستثمار كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي بحسب صندوق النقد الدولي على مستوى دول مجموعة العشرين، ورفع وكالة التصنيف الائتماني "إس آند بي جلوبال" في مارس الماضي تصنيف السعودية إلى ،(+A) كل ذلك يدل دلالة قاطعة على متانة الاقتصاد السعودي.
صحيح أن أحد عوامل قياس الاقتصاد هو المال وأسواقه، لكنه ليس القياس الأوحد أو المرتكز الرئيسي، فالاقتصاد عبارة عن المنظومة الاستثمارية المتكاملة للبلد.
فالعلاقة الاقتصادية علاقة تكاملية مع كافة العوامل المؤثرة في فلكه، فيدخل في ذلك الثروات الكامنة في باطن الأرض والبحر، والصناعات بكافة أشكالها وتحويلاتها، والتبادلات التجارية، والتطوير العقاري، والتطور التقني، والاستقرار الأمني والصحي والمجتمعي، فالانخفاض في المال قد يفيد وقد يضر، فقد يتم التخفيض المالي لأجل الحفاظ على مستهدف مخزوني محدد، أو لأجل استقرار الاقتصاد، أو لأجل العمل الإستراتيجي تجاه أزمة، أو لأجل العمل الإستراتيجي تجاه مكسب على الآماد الثلاثة (القريب والمتوسط والبعيد).
فبحسب "إس آند بي جلوبال"، إن "النمو القوي في الأنشطة غير النفطية سيدعم اعتباراً من 2025 آفاق النمو على المدى المتوسط" ليصل إلى مستوى تصاعدي بمعدل 3.5% لكل سنة فيما بين عامي 2025 و2028.
كما أن العوامل الطردية التي تؤثر سلباً في السوق المالية ليست بالضرورة أن تؤثر سلباً في الاقتصاد، فقد يخفض البنك المركزي سعر الفائدة ليحد من التضخم ولتتحرك رؤوس الأموال وتزداد فرص الاستثمار وتتحرك عجلة الحياة، وقد تنخفض الأسهم المالية وتتذبذب للحفاظ على مستوى معين إستراتيجي واستثماري، أو لضبط حركة الواردات والصادرات، أو لتجنب الوصول إلى مرحلة الفقاعات، أو لحث اللاعبين على التوجه إلى مجالات ادخارية غير مالية.
وهذه الأمور هي التي قادت السعودية لإطلاق أهم ركائز رؤية 2030 بالابتعاد عن الاقتصاد النفطي والاتجاه إلى تنوع الاقتصاد ليكون متيناً لا يتأثر بالعوامل السياسية أو الاقتصادية، وإنما يسير بشكل إستراتيجي نحو الأهداف المرسومة، متعاملاً مع ما يحدث من أحداث عالمية أو إقليمية بأعلى صفات الحكمة والرؤية الثاقبة، محولاً عديدا من الأزمات إلى فرص وامتيازات لكافة أصحاب المصلحة.
مستشار قانون دولي وتجاري وGRC