هل يتجاهل خفض التصنيف الائتماني لأمريكا الخطر الأكبر على حائزي سنداتها؟

هل يتجاهل خفض التصنيف الائتماني لأمريكا الخطر الأكبر على حائزي سنداتها؟
"رويترز"

بعد أن خسرت آخر موقع لها في دائرة تصنيفات الجدارة الائتمانية الأعلى في العالم، تبدو الولايات المتحدة في اتجاه التباعد شيئا فشيئا عن منطقة كانت في زمن مضى توفر لميزانيتها التمويل الأرخص؛ لكن الخفض الأحدث لتصنيفها الائتماني يبدو من وجهة نظر محللين قد تجاهل خطرا أكبر على المستثمرين في أدوات الدين الأمريكية.

يوم الجمعة الماضي، أعلنت وكالة "موديز"، للمرة الأولى منذ أكثر من 75 عاما، خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة إلى "Aa1" من "AAA"؛ كما غيرت نظرتها المستقبلية إلى "سلبية" من "مستقرة".

لم تكن "موديز" الأولى التي تتخذ هذا الإجراء مع الولايات المتحدة، فقد سبقتها بخطوة وكالتا "ستاندرد آند بورز" و"فيتش"، اللتان خفضتا تصنيف الولايات المتحدة في عامي 2011 و2023 بالترتيب.

بفقد أمريكا آخر تصنيف كان متبقيا لديها ضمن هذه الفئة الأعلى، تتقلص قائمة أصحاب هذا التصنيف إلى 11 دولة فقط، مقارنة بأكثر من 15 دولة قبل نحو عقدين من الزمان، وتحديدا قبل الأزمة المالية العالمية.

فكيف كانت التبعات الأولى لخفض التصنيف الائتماني الأمريكي؟

عائد السندات الأمريكية يرتفع بعد قرار "موديز"

ارتفع العائد على السندات الأمريكية بعد خفض وكالة "موديز" تصنيفها الائتماني للولايات المتحدة.

سجل العائد على السندات الأمريكية لأجل 30 عاما 4.98%، بعد أن لامس مستوى 5.037 مخترقا حاجزا نفسيا مهمّا، بارتفاع قدره 9.4 نقطة أساس.

أما العائد على السندات القياسية لأجل 10 سنوات، فارتفع 7.8 نقطة أساس إلى 4.517%، بعد أن لامس في وقت سابق اليوم مستوى 4.564%.

قبل خفض التصنيف الأول من قبل "ستاندرد آند بورز"، في نهاية عام 2010، كان العائد على السندات الأمريكية لأجل 30 عاما عند مستوى 4.3%، بينما كان العائد على سندات 10 سنوات عند 3.2954%، وفقا لبيانات "بلومبرغ".

ماذا يعني خفض تصنيف أمريكا؟ ولماذا جرى؟

يعني خفض التصنيف الائتماني لأي بلد تراجع مستوى جدارتها الائتمانية، وبالتالي ارتفاع تكلفة التمويل. وعادة ما يكون ارتفاع مستويات الدين الحكومي والمخاطر الطويلة الأجل التي تواجه الاقتصاد من أبرز أسباب خفض التصنيف الائتماني.

"موديز" قالت في تقريرها إن خفض التصنيف يعكس "زيادة لأكثر من 10 سنوات في حجم الدين الحكومي ومدفوعات الفائدة إلى مستويات أعلى بكثير من مثيلاتها".

وتوقعت الوكالة زيادة حجم الدين الفيدرالي الأمريكي إلى نحو 134% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2035، مقارنة بـ98% العام الماضي.

وبلغ حجم إنفاق الولايات المتحدة على خدمة الدين العام الماضي 881 مليار دولار، وهو ما يزيد على ثلاثة أمثال المبلغ الذي أنفقته على هذا الغرض في عام 2017.

خفض التصنيف الأمريكي يقفز على الخطر الأكبر

ما زالت الولايات المتحدة تحمل ثاني أعلى تصنيف ائتماني وهو "AA"؛ لكن خفض التصنيف يسلط الضوء على تنامي القلق بشأن المسار المالي للبلاد.

ويرى محلل "بلومبرغ" جو فيزنتال أن خفض التصنيف أمر غير جوهري، حيث يقول "إن كل شيء صحيح حول كيف أن الدين والعجز يستمران في الارتفاع؛ لكن من منظور ائتماني، لا يزال صحيحا أيضا أن الولايات المتحدة تصدر ديونا بالدولار وتطبع دولارات أيضا؛ لذا لا يوجد سبب يدفع الحكومة إلى التخلف عن السداد".

يستبعد فيزنتال أي حدث ائتماني يتسبب في التخلف عن السداد، كأن يرفض الكونجرس رفع سقف الدين، أو أن تقرر الحكومة إعادة الحكومة هيكلة ديونها. ويقول: "هناك قليل جدا من الإرادة السياسية أو الرغبة السياسية في إدارة سياسة مالية معاكسة للدورة الاقتصادية للسياسة المالية".

في المقابل، يرى راي داليو، مؤسس شركة "بريدج ووتر"، أن تخفيض "موديز" التصنيف الائتماني للولايات المتحدة لا يرقى إلى التهديد الذي تتعرض له سندات الخزانة الأمريكية، حيث لا تأخذ الوكالة في الحسبان إمكانية قيام الحكومة الفيدرالية ببساطة بطباعة الأموال لسداد ديونها.

وقال إن خفض التصنيف "لا يشمل المخاطر الأكبر المتمثلة في أن البلدان المدينة ستطبع النقود لسداد ديونها، ما يتسبب في تكبد حاملي السندات خسائر من انخفاض قيمة الأموال التي يحصلون عليها، وليس من انخفاض كمية الأموال التي يحصلون عليها".

الأكثر قراءة