لقاء الكبار في المنتدى السعودي - الأمريكي للاستثمار

استقبلت السعودية ضيفًا من العيار الثقيل الأسبوع الماضي، حيث وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى الرياض في أول زيارة خارجية له في ولايته الثانية مكررا ما فعلة في الولاية الأولى، وهذا يؤكد ما يراه الرئيس الأمريكي للوزن السياسي والاقتصادي للسعودية، وهو رئيس أكبر اقتصاد عالمي وصاحبة التأثير السياسي الأكبر. السعودية أكبر شريك تجاري لأمريكا في الشرق الأوسط وفي قائمة الشركاء التجاريين الأهم للولايات الأمريكية على المستوى العالمي وصاحبة الثقل السياسي الأكثر تأثيرا في الخليج والشرق الأوسط.

كما هو معلوم فالرئيس الأمريكي دونالد ترمب في الأساس رجل أعمال تجاوز أحداث عصيبة في عالم الأعمال، ويشتهر بصراحة الرأي والقول، نجاحه في عالم الأعمال ملموس ومترجم بثروته التي تبلغ مليارات الدولارات، أما نجاحه السياسي فيميزه كونه ثاني رئيس أمريكي ينجح في العودة إلى البيت الأبيض بولايتين منفصلتين، سبقه في هذا الحدث الاستثنائي الرئيس جروفر كليفلاند الذي تولى الرئاسة لفترتين منفصلتين ليكون الرئيس الأمريكي الـ22 والـ24. إضافة إلى صعوبة ما حققه دونالد ترمب فقد شهدت ولايتيه أحداثا سياسية كبرى وضع فيها الرئيس الأمريكي بصمته بمنظوره الاقتصادي السياسي.

كانت القمة السعودية - الأمريكية متوازنة القوى سياسيا واقتصاديا، فنجاح سمو ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء في ترجيح الكفة نحو رفع العقوبات عن الجمهورية السورية يمثل انتصارا سياسيا للمنطقة يضع أمام العالم الثقل السياسي التي تمثله السعودية، وأيضا فإن السعودية تحرص على أن تكون منطقتنا مصدرا للبناء والنمو، وتحرص على وحدة صف الدول في المنطقة، ولا شيء أصدق تعبيرا من فرحة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لحظة إعلان الرئيس الأمريكي قرار رفع العقوبات عن سورية.

اقتصاديا كانت الزيارة الأولى للرئيس دونالد ترمب إلى السعودية في الفترة الرئاسية الأولى تتزامن مع بداية بناء الحلم السعودي والمضي في خطط المملكة عبر رؤية 2030 لتأتي الزيارة الثانية متزامنة مع مخرجات للرؤية أصبحت على أرض الواقع نعيشها جميعا ويراها العالم اقتصاديا واجتماعيا وعلى كافة الأصعدة، وهذا يجعلنا أمام براهين ملموسة لما بدأته السعودية في السنوات الماضية، ما يجعل كفتها تميل أكثر نحو الشراكة الإستراتيجية المقنعة، وهذا يفسره حضور رجالات المال الأمريكيين التي تمثل القيمة السوقية لشركاتهم أكثر من 16 تريليون ريال في مشهد لم يتكرر في بقية الزيارات اللاحقة للمنطقة كشاهد إضافي على ثقل السعودية الاقتصادي.

تحقيق نتائج الرؤية على الأرض وتغير الطبيعة السياسية للسعودية في التعاطي مع العالم أعطاها صفتي الحزم والجد، حيث لا يمكن أن يكون لأي ملف قبول ووجود إلا إذا كان يعتمد المصلحة المتبادلة أولا Win-Win فالجميع رابح، من خلال هذه الإستراتيجية تمكنت السعودية تعزيز قاعدتها الإنتاجية وتعزيز العنصر المعرفي للمحتوى المحلي، وهذا ما تكرر في الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، في الزيارتين صفقات كبرى ونقل للمعرفة وزيادة الطلب على المحتوى المحلي.

تعزيز قدرات السعودية في الوصول إلى صناعات جديدة وتخصصية من خلال تلك الصفقات الاستثمارية المبرمة، يفسر تركيز الصفقات السعودية - الأمريكية في الزيارة الثانية على التكنولوجيا الحديثة، الدفاع شراء وصناعة، الصحة والبيئة وغيرها من الصفقات التجارية التي تجاوزت 600 مليار دولار ستعزز النمو الاقتصادي ونقل المعارف واستمرار تدفق الاستثمار الأجنبي إلى السعودية.

اليوم تدخل الصناعات الجديدة القاعدة الإنتاجية للصناعات السعودية عبر الأذرع الحكومية ليتوالى تدفق أموال القطاع الخاص إليها مستقبلا عبر القنوات المحلية واستقطاب الاستثمار الأجنبي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي