لندن وواشنطن اتفاق تجاري تحت المراقبة

بالرغم من أن الاتفاق التجاري بين بريطانيا والولايات المتحدة، كان متوقعاً ومعروفاً من حيث أغلبية تفاصيله، إلا أنه اكتسب أهمية كبيرة، لمجموعة من الأسباب، على رأسها مساهمته في تدعيم العلاقة بين البيت الأبيض الأمريكي وحكومة كير ستارمر العمالية، التي باتت تلقى قبولاً من الرئيس دونالد ترمب. هذا الأخير، عادة ما يفضل وجود حكومة محافظة في داوننيج ستريت. إلى جانب أن الاتفاق وسع ممرات الوصول إلى اتفاقات (لن تكون مماثلة من حيث بنودها بالطبع) بين الولايات المتحدة وبقية الدول، بمن فيها تلك المنضوية تحت لواء الاتحاد الأوروبي، مع اقتراب موعد انتهاء تجميد العمل بالتعريفات الأمريكية لمدة 90 يوماً.

واتفاق لندن وواشنطن، كرس أيضاً الانطباع، كرس أيضاً أن ترمب جاهز لأن يكون مرناً في عقد الصفقات النهائية.

سيحسن الاتفاق بلا شك وضعية الميزان التجاري بين البلدين، الذي يميل دائماً لمصلحة المملكة المتحدة. فحجم التجارة بينهما بلغ العام الماضي 314.6 مليار جنيه إسترليني، منها صادرات بريطانية بقيمة 196.3 مليار جنيه. الرئيس الأمريكي، يسعى إلى سد هذه الفجوة، التي يعدها غير عادلة ليس فقط مع لندن، بل أيضاً مع بقية عواصم العالم.

صحيح، أن الاتفاق حافظ على رسوم جمركية ثابتة 10%، إلا أنه يخفض كثيراً الرسوم على عشرات السلع البريطانية، بما فيها تلك التي تمثل أساس الصادرات. النتيجة النهائية بالنسبة للخزينة الأمريكية، أنها ستجمع 6 مليارات دولار من الاتفاق، إلى جانب فتح الطريق أمام فرص جديدة للتصدير بقيمة 5 مليارات دولار.

لكن في النهاية، يمثل الجانب الخاص بسهولة وصول السلع، عبر تقليل الحواجز غير الجمركية ركناً أساسياً من الاتفاق التجاري، وهذا ما يريده الطرفان، وإن كان هناك في بريطانيا من وجد أن لندن لم تحصل على ما تستحقه من مزايا. المراهنة الآن تنحصر في تطوير الاتفاق المشار إليه، ولا سيما مع ترك الباب مفتوحاً لإعادة صياغة بعض البنود، استناداً إلى مسار التنفيذ.

هذا في الواقع، ما يراهن عليه المسؤولون البريطانيون. فحتى حاكم بنك إنجلترا المركزي أندرو بيلي، لم يستطع الصمت، حين قال، إن الاتفاق يعد تطوراً إيجابياً، لكنه لا يزال يُبقي الرسوم الجمركية على معظم الصادرات البريطانية، أعلى مما كانت عليه الشهر الماضي.

تحتاج المملكة المتحدة اليوم، أي اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، وهي تسعى إلى مزيد من الاتفاقات مع بقية الدول، لاستكمال علاقاتها التجارية مع العالم، بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، إلا أن الاتفاق مع واشنطن يبقى في مرحلة المراقبة، بينما يستعد الأوروبيون لاتفاق مع ترمب، لن يكون بالضرورة أفضل من ذاك الذي عقده مع لندن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي