قفزات إيرادات السياحة في دول الخليج

تعد السياحة محركاً اقتصادياً رئيسياً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولطالما كانت الدعامة الأساسية لتحقيق نموها الاقتصادي. ففي 2023، ساهمت السياحة بما يقدر بنحو 6.7% من إجمالي الناتج المحلي لبدان الشرق الأوسط ونحو 8.1% لبلدان شمال إفريقيا. وقبل 2020، شهدت بعض الوجهات مثل البحرين، السعودية وعُمان زيادة بنسبة ثلاثية الأرقام (100% فأكثر) في إيرادات السفر والسياحة، ما يؤكد الدور المركزي لهذه الصناعة في توفير فرص العمل والإيرادات من النقد الأجنبي.
وعلى الرغم من الاضطرابات الشديدة الناجمة عن جائحة كورونا - الأزمة التي أتت على أسواق السفر والسياحة العالمية - كانت منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة الوحيدة التي تجاوزت إجمالي أعداد السائحين قبل الجائحة بحلول 2023. وتكشف بيانات الأشهر التسعة الأولى من 2024 أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا تزال تتصدر نمو السياحة العالمية، متفوقة على عديد من المناطق الأخرى من حيث عدد الوافدين الدوليين والإيرادات الإجمالية. وتوضح قصة التعافي هذه مدى مرونة قطاع السفر والسياحة عندما تقوم الحكومات والشركات بحشد الجهود والتحرك بشكل سريع.
أدى تصاعد الصراع في المنطقة منذ أكتوبر 2023 إلى ظهور تحديات جديدة وإبطاء ما كان يمكن أن يكون مساراً أقوى للتعافي لقطاع السفر والسياحة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وبعد اندلاع الصراع مباشرة، انخفضت درجة الثقة في السفر إلى بلدان الشرق الأوسط إلى مستويات لم نشهدها منذ الأيام الأولى لتفشي الجائحة. وأوقفت شركات الطيران وشركات الرحلات البحرية بعض مساراتها، بينما أصدرت عديد من الحكومات الأجنبية تحذيراتها من السفر إلى المناطق المتضررة من الصراع.
ويكشف إلقاء نظرة فاحصة على أعداد المسافرين جواً عودةَ ظهور "منطقتين للشرق الأوسط وشمال إفريقيا" (أي التباعد بين بلدان مجلس التعاون الخليجي وغيرها من البلدان)، مع المردود غير المتناسب لآثار الصراع على المناطق الفرعية الأقرب إلى قلب الصراع، ولا سيما اقتصادات الشرق الأوسط غير الأعضاء بمجلس التعاون. وبشكل عام، لا تزال المنطقة تسجل نمواً سنويا يقدر بنحو 7% في أعداد الوافدين. غير أن بلدان الشرق الأوسط غير الأعضاء في مجلس التعاون تأثرت بشكل مباشر بالنمو الشهري السلبي من أكتوبر 2023 إلى أكتوبر 2024. وفي المقابل، حافظت بلدان مجلس التعاون واقتصادات شمال إفريقيا على نمو إيجابي، وإن كان بوتيرة أبطأ.
وخلال الأشهر التسعة الأولى من 2024، استقبلت بلدان الشرق الأوسط غير الأعضاء في مجلس التعاون عدداً يقل بنحو 2.35 مليون من الزوار الأوروبيين مقارنةً بالفترة نفسها من 2023، بينما نجحت بلدان شمال إفريقيا في جذب 2.75 مليون زائر أوروبي إضافي
أصبح بناء قدرة أكبر على الصمود في قطاع السياحة أولوية جماعية للحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ولتحقيق هذه الغاية، فإن توصياتنا الرئيسية تشمل ما يلي:

  • الإبلاغ عن المخاطر بشفافية أكبر، يمكن أن يساعد التواصل الواضح والأمين بشأن الأوضاع الأمنية على استعادة ثقة المسافرين.

       

    • الترويج للسياحة الداخلية والإقليمية، مثلما حدث في مصر بعد الربيع العربي، يمكن للأسواق المحلية أن تساعد على التخفيف من حدة الأزمات عندما تنخفض السياحة الوافدة.
    •  

    • الاستثمار في البنية التحتية السياحية وتنويعها، من الممكن أن تؤدي مشروعات تطوير المطارات والطرق والمواقع السياحية إلى تعزيز القدرة التنافسية على المدى الطويل، في حين أن توسيع العروض والمنتجات السياحية يقلل من التعرض لصدمات السوق الواحدة.
    •  

  • سيكون التركيز على تغيير الهوية السياحية، والاستثمار في التعاون الإقليمي، وتعزيز التخطيط لمواجهة الأزمات أمراً حيوياً لزيادة قدرة قطاع السفر والسياحة على الصمود والحفاظ على المكاسب التي تحققت أخيراً. ويمكن لتعزيز إجراءات السلامة والتعامل الإيجابي مع تحذيرات السفر أن يحدثا فرقاً في استعادة ثقة المسافرين.
  • تعزيز التعاون الإقليمي، يمكن لتنسيق أنشطة التسويق وإدارة الأزمات أن يؤديا إلى تحسين سمعة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ما يضمن عدم تسبب الصراعات في إثناء السائحين عن زيارة المناطق المستقرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي