كيف تعزز السعودية مكانتها في الطاقة المتجددة؟

على مدى العقود السابقة قادت السعودية قطاع الطاقة العالمي، فقدرتها الكبيرة في إنتاج وتصدير النفط جعلها المحور الأساسي في الصناعة. ولكن مكانتها في قطاع الطاقة التقليدية لم تجعلها تتغافل عن أهمية الطاقة المتجددة، حيث جهزت السعودية خططها وشرعت في تنفيذها لتعزيز قدرة القطاع والاستفادة من الإمكانات الاستثنائية التي تملكها وتجعلها مرشحة ليس فقط لتغطية الإنتاج المحلي، وإنما الاتجاه للأسواق الخارجية. عملية التحول ارتكزت على محاور عدة منها، دعم قدرات الإنتاج المحلية، بجانب تعزيز الاستثمار في الخارج.

وفقًا للتقرير السنوي لرؤية 2030 لعام 2024 فقد وصلت السعة الإجمالية لمشاريع الطاقة المتجددة إلى 2.8 جيجاوات، تكفي لتوليد طاقة كهربائية لنحو 520 ألف منزل. الارتفاع في إنتاج الطاقة المتجددة جاء بفضل عديد من المشاريع المهمة في الطاقة الشمسية مثل مشروع محطة سكاكا، ومشروع الشعيبة، ومشروع الصداوي. بجانب مشاريع طاقة الرياح مثل الغاط، ومشروع وعد الشمال.

وقد وفر الموقع الجغرافي والمناخي للسعودية ميزة تنافسية مهمة لها في قطاع الطاقة المتجددة تتمثل في انخفاض التكلفة. على سبيل المثال تصل تكلفة إنتاج الكيلووات من الكهرباء في مشروع الشعيبة إلى 1.04 سنت أمريكي، بينما تصل في مشروع الصداوي إلى 1.2 سنت أمريكي لكل كيلووات، بينما تصل التكلفة في محطة "تشينغهاي" للطاقة الشمسية في الصين إلى 7.5 سنت لكل كيلووات. على مستوى طاقة الرياح تبلغ تكلفة إنتاج الكهرباء في مشروع الغاط في السعودية نحو 1.57 سنت أمريكي لكل كيلووات، وفي مشروع وعد الشمال تصل إلى 1.7 سنت. بينما تصل متوسط التكلفة في مشاريع طاقة الرياح في القارة الأوروبية إلى 8 سنتات أمريكية لكل كيلووات.

وتواصل السعودية جهودها لزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة وتحقيق مستهدف بأن تشكل الطاقة المتجددة 50% من إجمالي الكهرباء بحلول 2030. وفي سبيل ذلك فقد طرحت السعودية مشاريع طاقة متجددة بسعة 20 جيجاوات لزيادة القدرات الإنتاجية.

جهود السعودية لم تقتصر فقط على تعزيز قدرات مشاريع الطاقة المتجددة، وإنما الدخول بقوة في سلسة القيمة وصناعة المكونات الأساسية مثل ألواح الطاقة الشمسية. فخلال 2024 وصلت عدد السجلات التجارية في قطاع صناعة ألواح الطاقة الشمسية وأجزائها إلى 816 سجلا وذلك مقارنة بـ631 في 2023. وتهدف السعودية من التوسع في إنتاج مكونات الطاقة المتجددة إلى توطين الصناعة داخليًا بما يسهم في خفض التكاليف، بجانب التوجه إلى التصدير للأسواق الخارجية وبالأخص القريبة مثل الشرق الأوسط وإفريقيا.

يمثل الهيدروجين الأخضر محور مهم في خطط السعودية لتعزيز مصادر الطاقة النظيفة. حيث تسعى إلى التحول إلى وجهة عالمية لإنتاج وتصدير الهيدروجين النظيف. بالاعتماد على مشاريع عملاقة مثل مشروع نيوم للهيدروجين الأخضر، الذي يستهدف إنتاج 600 طن يوميًا من الهيدروجين عبر استخدام 4 جيجاوات من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. إضافة إلى تصدير 1.2 مليون طن سنويًا من الأمونيا الخضراء بداية من 2026.

أنظار السعودية لدعم الطاقة المتجددة لم تتوقف عند السوق المحلية، وإنما امتدت إلى الأسواق العالمية عبر استثماراتها الضخمة في الأسواق المختلفة. حيث تعزز الشركات السعودية من حضورها العالمي في قطاع الطاقة النظيفة عبر ضخ استثمارات في القطاعات المختلفة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين، وتقنيات تخزين الطاقة. وتمتد مشروعاتها من آسيا إلى إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا.

على سبيل المثال شركة "أكوا باور" وهي واحدة من أكبر الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية. تدير الشركة استثمارات في قطاع الطاقة النظيفة في 13 دولة على مستوى العالم مثل تركيا والمغرب وجنوب إفريقيا ومصر وعمان والأردن وغيرها من الدول. وتشمل استثماراتها محفظة مشاريع متنوعة تشمل إنتاج الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين الأخضر، وذلك بإجمالي قدرة تصل إلى 78.8 جيجاوات من الطاقة.

ختامًا فمثلما عززت السعودية مكانتها الدولية في قطاع الطاقة التقليدية، فأنها تأخذ دورا رياديا في قيادة قطاع الطاقة النظيفة. بالاعتماد على إستراتيجية شاملة تتنوع من تعزيز القدرات المحلية في إنتاج الطاقة وبناء سلاسل الإمداد والتوريد للصناعة، أو عبر بناء الشراكات الدولية وضخ الاستثمارات في الأسواق المختلفة.


الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي