هل يعيق ترمب عملات بريكس مقابل الدولار ؟

خرج الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترمب قبل أيام مهددا مجموعة بريكس بأنها ستواجه إجراءات اقتصادية قاسية إن هي أقدمت على تشكيل عملة للمجموعة تنافس بها "الدولار العظيم" كما أسماه، ومؤكدا أن فكرة إيجاد هذه العملة قد انتهت بمجرد وصوله إلى سدة الرئاسة، كما حذر المجموعة برفع التعرفة الجمركية على بضائعها وسلعها 100 % وإن من يقدم على مثل هذه الخطوة سيقوم بإنهاء علاقته مع الولايات المتحدة الأمريكية وأنه لن يستطيع بعدها أن يبيع لأمريكا الاقتصاد الأعظم في العالم.

بعد هذا التصريح خرجت جنوب إفريقيا العضو المؤسس في المجموعة واللاعب الفاعل في توجهاتها بتصريح تنفي وجود الفكرة أصلاً، وأن هناك من أساء تفسير أهداف المجموعة وأصدرت وزارة التعاون والعلاقات الدولية بياناً أكدت فيه أن التعاملات التجارية فيما بينها تجري باستخدام عملات الدول الأعضاء.

الحقيقة أنه من الصعب إزاحة الدولار الذي يستحوذ على نحو 60 % من احتياط التبادلات التجارية الخارجية في العالم عن عرش الصدارة الذي يتربع عليه، وهو الموقع الذي تستفيد الولايات المتحدة منه أيما استفادة اقتصاديا وسياسيا ومع ذلك فإن فكرة إيجاد عملة جديدة منافسة للدولار كانت دائماً حاضرة ابتداء من اليورو وقد لا تكون عملة بريكس المحاولة الأخيرة لإزاحة نفوذ الدولار عن الاقتصاد العالمي.

لقد كانت فكرة عملة موحدة لمجموعة بريكس في صلب طموحات الدول المنضوية تحت لوائها، ففي العام الماضي اقترح الرئيس البرازيلي دي سيلفيا إيجاد عملة مشتركة للمجموعة وتقليل الاعتماد على الدولار بينما اشتكى الرئيس الروسي في غير مناسبة من أن الدولار الأمريكي أصبح يستخدم كسلاح وأداة سياسية في وجه الدول التي لا تتوافق مع نهج وسياسة الولايات المتحدة الأمريكية.

كما كان تشكيل عملة مشتركة للمجموعة التي قررت زيادة أعضائها لتضم 4 دول هي إيران ومصر وإثيوبيا والإمارات العربية المتحدة إلى الدول الأعضاء الخمسة المؤسسين وهم روسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا والهند والصين كان دائما عاملا جاذباً ومحفزا للدول الراغبة للانضمام لها.

ورغم أن مثل هذه العملة لا يُتوقع أن تنافس الدولار على المدى القصير والمتوسط فإن منافستها للدولار على المدى البعيد ستكون مقلقة للولايات المتحدة حتى مع الصعوبات التقنية التي تواجه إيجاد مثل هذه العملة من ناحية البنية التحتية التشريعية والمالية التي تتطلب كثيرا من الموائمة بين دول المجموعة وبيئتها التنظيمية، إلا أن مثل هذه التهديدات بزيادة التعرفة الجمركية على سلعها وبضائعها لن يجدي نفعاً لأن هذه الزيادة إن حدثت فستضر بالاقتصاد الأمريكي الذي سيعاني التضخم الذي سيكتوي المواطن الأمريكي بناره، حيث سيتحمل هذه الزيادة في التعرفة الجمركية من جيبه الخاص عندما تضاف إلى قيمة المنتج النهائي.

فالولايات المتحدة استوردت نحو 3.8 تريليون دولار العام الماضي ما يشكل 11% من حجم الناتج المحلي الإجمالي بما فيها المعادن والمواد الأولية لصناعات حساسة مثل الليثيوم ما يجعل زيادة التعرفة الجمركية على الاستيراد لدول تنتج سلعاً مهمة وحرجة عبئا اقتصاديا ثقيلا ومعيقا للنمو والانتعاش الذي يحتاجه الاقتصاد الأمريكي. فلا ولادة عملة بريكس وشيكة الحدوث ولا تهديد ترمب لها واقعي وقابل للتطبيق.

على الجانب الآخر كان لترمب موقف آخر من من العملات الرقمية فقد وعد خلال حملته الانتخابية بدعمها وهيكلة الأنظمة المالية إسهاما في نموها وهي التي يرى فيها مستقبلا اقتصاديا كبيرا يحقق استقلالية مالية عن البنوك المركزية وانتقد في غير مناسبة سياسات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وإن كان هذا الموقف قد أتى طمعاً في استقطاب المستثمرين في هذه العملات والمنخرطين في مستقبل هذا الاقتصاد الجديد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي