فنادق مكة المكرمة تاريخ طويل.. من الكعكي إلى أبراج الساعة
منذ أن أصبحت وجهة مقدسة للملايين، جذبت مكة المكرمة، على مر العصور زوارا من جميع بقاع الأرض، ومع ازدياد عددهم، أدى قطاع الفنادق فيها دورا حيويا، ليكون منذ تأسيس أول فندق فيه (الكعكي) في أوائل القرن العشرين، وظهور علامته البارزة (أبراج الساعة) في بداية الألفية، ووجود العلامات التجارية العالمية باستثمارات مليارية، شاهدا حيا على التطور الذي شهدته العاصمة المقدسة منذ بداية رؤية 2030.
فتاريخيا اتسمت الفنادق المكية في العصور الأولى من الإسلام بالبساطة، فكان الحجاج في الماضي، يصلون إلى تلك المناطق، وقد تعبوا من رحلاتهم، فيلجأون إلى مساكن بسيطة، تتنوع بين الخيام والنزل الريفية.
ومع مرور الزمن، تطورت الصناعة وواكب هذا التطور محليا تأسيس فندق الكعكي في أوائل القرن العشرين كأول فندق من نوعه في مكة المكرمة، فكان يتكون من 6 طوابق، صممت على غرار الفنادق في أوروبا آنذاك لاستقبال كبار الشخصيات والأمراء والمسؤولين، وكان أغلب ضيوفه من الخارج.
كان يتميز بتوفر أول مصعد ينقل الضيوف في فندق في السعودية، ويضم 193 غرفة إضافة إلى مطعمين كبيرين، ويتميز بوجود أول آلة بخارية لرفع درجة حرارة المياه، في فصل الشتاء، وقد كانت هذه الخطوة ثورة تقنية حينئذ، ليقدم مستوى متقدما من الراحة والرفاهية لم يسبق له مثيل في مكة.
وفي عهد الملك فهد في 2002 ظهرت نوعية مميزة من الفنادق الكبيرة الذي يمكن تصنيفها بأنها ناطحات سحاب مثل مجمع أبراج الساعة، الذي يعد أطول مبنى في السعودية والخامس على الصعيد العالمي، يتسع المجمع لـ65 ألف شخص، ويحتوي على 11116 غرفة، وفيه عشرات المحلات التجارية.
وفي العهد الجديد، قامت رؤية 2030 بوضع إستراتيجية وأهداف محددة لتحسين القطاع ورفع مستواه للمستوى العالمي، وصف نائب رئيس لجنة السياحة والفنادق في غرفة مكة، عبدالمحسن العجلان، هذه الخطوة في حديثه، لـ "الاقتصادية" بأنها وضعت القطاع في الاتجاه الصحيح مقارنة بالماضي، وأسهمت في معالجة كثير من التحديات، ويمكن ملاحظة ذلك في حج هذا العام، الذي تميز بالتحضير، والتخطيط المبكر له منذ شهر رجب من قبل جميع الجهات المعنية، سواء الحكومية أو الخاصة، ما سهل موسم هذه السنة بصورة كبيرة على الحجاج والعاملين في القطاع.
وأضاف، أن نسبة تراوح بين 70 % و80 % من قطاع الفنادق في مكة كانت تعاني في الماضي قلة هامش الربح نتيجة توازن الإيرادات مع التكاليف التشغيلية العالية، وهو ما أسهم سابقا في عدم تطور القطاع طبعا فيما عدا الفنادق الكبيرة، إلا أن زيادة أعداد الحجاج وتوسعة موسم العمرة نتيجة برامج رؤية 2030 ساعد كثيرا هذه المنشآت في التحسن، والتطور.
وبحسب اللجنة الوطنية للحج والعمرة يوجد نحو 1000 فندق وأكثر من 250 ألف غرفة فندقية في مكة المكرمة، بتصنيف ومواصفات عالية الجودة، كما أن هناك 33560 غرفة فندقية قيد الإنشاء وفقا لشركة كوليرز إنترناشونال للاستشارات، ما يؤكد تنامي القطاع.
ويبلغ الآن حجم الاستثمارات الفندقية في العاصمة المقدسة 144 مليار ريال وذلك وفقا لهيئة السياحة.
وأكد العجلان أن نسبة الحجوزات في موسم حج هذه السنة بلغت 100 % في جميع فئات الفنادق، والأسعار متقاربة مع السنوات السابقة، نظرا لمحدودية القدرة الشرائية، فمعظم الزوار الذين يأتون للحج من إخواننا المسلمين ينتمون إلى الطبقات الاقتصادية البسيطة، ما يستدعي تحديد أسعار معينة مناسبة لهم، وهو ما يعد تحديا، وإن كان التحدي الرئيس والكبير خلال السنوات المقبلة، هو التصدي لمشكلة المنشآت غير النظامية وغير المرخصة في القطاع، حيث كانت نسبتهم تزيد على 40 % قبل بداية برامج الرؤية. ومتفائل بقرب انتهائها قريبا.
وتابع العجلان: سعداء بإعلان وزارة الحج والعمرة عن أن بداية التصاريح لموسم العمرة ستكون يوم 20 ذا الحجة وهو دليل آخر على الفكر الاقتصادي العالي الذي تحمله رؤية 2030، مؤكدا استعداد القطاع لتحمل الزيادة السنوية المتوقعة للمعتمرين والحجاج، وهي تقريبا 20 % حتى نصل إلى هدف الرؤية بالوصول إلى 30 مليون معتمراً و6 ملايين حاج.