الحرب الروسية طوق نجاة لشركات بطاريات المسيرات الصينية من الإفلاس
دفعت المنافسة الشرسة داخل السوق المحلية في الصين عددا من مصنّعي بطاريات الطائرات المسيّرة إلى حافة الإفلاس، إلا أن هؤلاء وجدوا في حرب روسيا وأوكرانيا، التي تدخل عامها الرابع، فرصة غير متوقعة للنجاة.
أبلغت شركات عدة في إقليم جوانجدونج الصيني صحيفة "نيكي آسيا"، أن أعمالها شهدت ازدهارًا كبيرًا، بعد أن بدأت بتصدير البطاريات، التي تُستخدم في الطائرات المسيرة، إلى كلٍّ من روسيا وأوكرانيا.
وقال ممثل مبيعات في شركة بطاريات مقرها مدينة دونجوان: "تلقينا الشهر الماضي طلبية كبيرة من الجانب الروسي بقيمة مئات الملايين من اليوان."
أضاف أن الشركات كانت تعاني قبل الحرب ضغوطا مالية شديدة، وبعضها كان على وشك الإغلاق، لكن الحرب أنعشت الصناعة على نحو غير متوقع، إذ تغيّر هيكل الإيرادات تغيرا جذريا.
تابع "في السابق، كنا نعتمد 60–70% على السوق المحلي، أما الآن فيمثل الطلب الدولي 70–80% من إجمالي المبيعات. نحن نبيع لمن يدفع، سواء كانت روسيا أو أوكرانيا".
أشار إلى أن الشركة كانت تبيع سابقًا لمصنّعي مسيرات محليين صغار، رغم هيمنة شركة "دي جيه آي" العملاقة، التي تستحوذ على أكثر من 70% من السوق العالمية. ورغم الصعوبات، إلا أن الشركات الصغيرة كانت لا تزال قادرة على البقاء في السوق.
في سبتمبر الماضي، فرضت الصين قيودًا على تصدير الطائرات المسيرة والمكونات الحساسة، مثل المحركات وأجهزة التصوير بالأشعة تحت الحمراء والرادارات والليزر ومعدات الاتصالات، إلى كل من روسيا وأوكرانيا.
وكانت قد فرضت في يونيو 2023 قيودًا على تصدير المسيرات الثقيلة (أكثر من 7 كيلو جرام). لكن لم تشمل هذه القيود البطاريات صراحة.
مع ذلك، قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لمجموعة من الصحفيين في مايو، إن الصين أوقفت تصدير الطائرات المسيرة إلى كييف ودول أوروبية أخرى، لكنها تواصل التصدير إلى روسيا.
أوضح أن روسيا تسعى لإنتاج ما بين 300 و350 درون يوميًا، في حين تستطيع أوكرانيا استخدام نحو 100 درون بعيد المدى يوميًا.
وبحسب "نيكي آسيا"، ذكر ممثل مبيعات في شركة صينية أخرى أن الطاقة الإنتاجية في الصين هائلة، مشيرًا إلى أن شركته، التي لا يزيد عدد موظفيها عن 200 عامل، قادرة على إنتاج آلاف البطاريات في أسبوع واحد.
منذ غزو روسيا لأوكرانيا مطلع 2022، أصبحت الطائرات المسيرة عنصرًا محوريًا في ساحة المعركة، حيث تستخدمها كل من موسكو وكييف في هجمات مكثفة. وغالبًا ما تُستخدم بكميات كبيرة إلى جانب الصواريخ الباليستية، ما أدى إلى تصاعد أعداد الضحايا المدنيين.
تستخدم معظم الطائرات المسيّرة بطاريات ليثيوم بوليمر، وهي نوع من بطاريات الليثيوم-أيون. وتُظهر بيانات الجمارك الصينية ارتفاعًا حادًا في صادرات هذه البطاريات إلى روسيا وأوكرانيا منذ 2023.
واستوردت روسيا أكثر من ضعف ما استوردته أوكرانيا العام الماضي، واتسعت الفجوة في الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام، حيث تجاوزت الواردات الروسية الأوكرانية بأكثر من ثلاثة أضعاف.
شهد قطاع الطائرات المسيرة في الصين نموًا حادًا العام الماضي بدعم حكومي قوي، حيث ترى بكين ما يُسمى بـ"اقتصاد المجال الجوي المنخفض" قطاعًا استراتيجيًا.
وأنشأت عديد من المقاطعات والصناديق الاستثمارية المتخصصة لهذا الغرض، وكان أكبرها بقيمة 20 مليار يوان (نحو 2.8 مليار دولار).
تشير البيانات الرسمية إلى وجود أكثر من 20 ألف شركة تشغيل للطائرات بدون طيار في الصين، بإجمالي ناتج سنوي بلغ 210 مليارات يوان في 2024، بزيادة 39.5% عن العام السابق.
وتمثل مقاطعة جوانجدونج، مركز التصنيع الأهم، أكثر من 30% من سلسلة إمداد الطائرات المسيرة في الصين. وتضم مدينة شينجن وحدها قرابة ألفي شركة متخصصة في هذا المجال.