لماذا التأني في الخصخصة أو التخصيص؟
الخصخصة أو التخصيص ترجمة للكلمة privatization ويعني باختصار تحول قطاع عام إلى خاص، ما يتيح إدخال قوى السوق وآليات العرض والطلب. ويترتب على ذلك غالبا بيع مشروع عام على القطاع الخاص.
وهناك تفاصيل موضع خلاف، لذا لا يوجد تعريف أو معنى متفق عليه دوليا. برنامج التخصيص في بلادنا هو أحد برامج تحقيق رؤية السعودية 2030 التي تم اعتمادها من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية.
وتم تأسيس المركز الوطني للتخصيص في 1438 الموافق تقريبا 2017. ويهتم بتحديد الأصول والخدمات الحكومية القابلة للتخصيص في عدد من القطاعات. وقد يكون التخصيص جزئيا، من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص. وتبعا، يتولى المركز تطوير منظومة وآليات التخصيص، وتحديد أطر الشراكة بين القطاعين العام والخاص.
ويتولى المركز وضع أسس التشريعات وخطط التنفيذ والبرامج الزمنية والمتابعة المستمرة. لماذا التخصيص؟ هناك عدة أهداف: تعزيز جودة وكفاءة الخدمات العامة، والمساعدة على تحقيق الأهداف الاستراتيجية للجهات الحكومية، وترشيد الإنفاق العام، وزيادة إيرادات الدولة، ورفع كفاءة الاقتصاد الوطني، وزيادة قدرته التنافسية لمواجهة التحديات والمنافسة الإقليمية والدولية ذات الصلة بمشاريع التخصيص.
كما أن التخصيص يفتح الباب للتوسع في إتاحة الفرصة للمواطنين ومنشآت القطاع الخاص لتملك أصول أصلا حكومية. وتبعا، تزيد حصة القطاع الخاص في الناتج المحلي بما يحسن من نمو الاقتصاد الوطني. ومن أهداف التخصيص زيادة فرص العمل والتشغيل الأمثل للقوى الوطنية العاملة.
يفهم مما سبق أن التخصيص يعزز من دور القطاع الخاص في تقديم الخدمات وإتاحة الأصول الحكومية أمامه، ما يحسن من جودة الخدمات المقدمة بشكل عام ويسهم في تقليل تكاليفها، ويعزز من تركيز الحكومة على الدور التشريعي والتنظيمي المنوط بها. علاوة على ذلك، يسعى البرنامج إلى جذب الاستثمارات المحلية والأجنبية.
تتصف عمليات التخصيص محليا وعالميا بالبطء. ووراء هذا البطء رغبة الحكومات في أن تكون عمليات تخصيص القطاعات مستدامة وتحقق المصالح العامة. ولذلك من المهم التنظيم الفعال كشرط مسبق لكفاءة عملية التخصيص وفاعليتها.
طبعا يطرح السؤال التالي: ألا يمكن إنجاز عمليات التخصيص وبصفة أعم إنجاز مشروع أو مشاريع الإصلاح الاقتصادي بوتيرة أسرع، دون إخلال بالمبررات التي ذكرت؟ ويمكن صياغة سؤال بصورة عكسية: هل البطء أعطى نتائج أعلى جودة؟ نظريا، من الممكن إنجاز الخصخصة، بوتيرة أسرع، بل ويمكن أن تنجز أيضا بجودة أعلى، دون إهمال لجوانب التنظيم والمصلحة العامة، لكن يصعب تحقيق ذلك بدون تبسيط وتسهيل في أنظمة وعمل الجهاز الحكومي.
وهناك تحديات تواجه التطبيق كالروتين والمركزية وتضارب بعض الإجراءات الإدارية والشخصية ونقص الكفاءات البشرية، وانشغال الكفاءات بأعمال أخرى. وهناك جهود تبذل لتقليل حدة هذه المشكلات.
لكن الظروف قد تجعل التبسيط والتسهيل ومواجهة التحديات مكلفا ومدخلا لأشياء غير مرغوب فيها، كالفساد والسطحية في الإنجاز. طبيعة التخصيص في أي بلد تصنع مشكلة في تعارض جزئي للمصالح. ولذا فإن من يتصدى لدراسة أو إعطاء مشورة أو يكلف بإنجاز مهمة، فإنه يفترض أو يحسن ألا يكون خصما وحكما في آن واحد. لكن تحقيق ذلك في عمليات التخصيص في الدول صعب.
وهذا من أسباب بطء عمليات الخصخصة عالميا ومحليا. الأمل قوي في مزيد تطوير وتحسين في إجراءات وعمليات التخطيط والتنفيذ. والطموحات قائمة في أن يسهم التخصيص تخطيطا وتنفيذا في مزيد تطوير في الأفكار والأنساق والقوالب والنماذج والمنظومات والصيغ الإدارية في الأجهزة الحكومية، ومن المهم الاستفادة كثيرا مما لدى دول ومنظمات وشركات متقدمة إداريا، هذا وبالله التوفيق.