رقم جديد
غدا هو آخر أيام 2023 فكل عام والجميع بخير، ولعل العام الذي يليه يكون أكثر خيرا وسلاما على الإنسان والأوطان في كل مكان.
الحمد لله أننا كوطن ومواطنين نطوي عامنا بنجاح، ونستقبل الآخر بتفاؤل، وأن قيادتنا تقول: "ماضون في توفير سبل الحياة الكريمة للمواطنين"، ونسأل الله أن يديم علينا نعمه وآلاءه، وأن يوزعنا شكر هذه النعم، وأن يحفظ بلادنا وقيادتها ليطوي الشعب الكريم والضيوف على أرضه كل أعوامهم برخاء.
مرور العام، أي عام، يختلف من إنسان إلى آخر، فهذا يكون قد أمضى 20 عاما في العمل، وذاك مضى عليه عامان من المرض، وهؤلاء لهم 14 عاما في حب، وأولئك انطوى عامهم الثالث على الفراق، والأيام تمضي على الجميع بسرعتها وسعادتها واختلافها في "كيف مضت؟".
ما بين كل عامين يتناقل البشر أفكارا بينهم وبين أنفسهم، أو ينشرونها على الملأ، يحصون ما كسبوا، وما ينوون كسبه، ما خسروا، وما يحاولون استرجاعه، يمنون النفس بتصحيح الأخطاء، وتحسين الأداء الحياتي والإنساني، يحاسبون أنفسهم وربما الآخرين، ويحسبون حساباتهم الجديدة، وهكذا في كل نهاية/ بداية عام، وهكذا تتكرر مداولة الأيام بين الناس، وعند البعض مداولة الناس بين الأيام.
الأسئلة كثيرة ومختلفة باختلاف البشر، كم ريالا كسبت أو خسرت؟ كم كتابا قرأت؟ كم طبيبا راجعت؟ كم قرارا راجعت وندمت؟ كم إنسانا جرحت؟ وهل داويت؟ كم بلدا زرت؟ كم قبرا زرت؟ كم قبرا جديدا أضيف لقائمة زياراتك؟ بكم تصدقت؟ هل تطوعت؟ غرست شجرة؟ غرست فكرة؟ آمنت بفكرة؟ وكم علامة استفهام تكفي عاميك، الذي سيمضي غدا، الذي سيهل بعد غد؟
عام مضى وآخر سيأتي، مضى أكتوبر وديسمبر، وسيمضي يناير وما بعده، الفتي يملأه الحماس، والقوي يغريه " الأشد"، والأكبر يراوده الرشد عن عقله، وصاحب المشيب تغشاه الحكمة، والأكبر منه هو من يجيد "تحديد الكل" بغرض تحييد الكل.
بعض الأحزان تكبر مع الوقت، وبعضها يصغر، بعض الآمال تكبر في العام الجديد، وبعضها يتلاشى، ويظل الإنسان في علاقة حتمية ووجودية مع الزمن، ومع هذه الأرقام التي تتوالى سريعة أو بطيئة، التي تقول له نفس ما قالت "دقات قلب المرء"، لكنه يؤثر أحيانا عدم الاستماع، وإذا غالب هواه واستمع، يحاول كاذبا عدم الفهم، كأنه يشبه موقن ينسى يقينه.
العمر ليس "مجرد رقم"، إنه مجموعة أرقام، الأعوام هي التي "مجرد رقم"، رقم جديد.