ضبط الأسواق .. لماذا السعودية؟

بداية أود أن أشير إلى أن لأسواق النفط -في اعتقادي- سمة ملازمة لها منذ استخراج أول برميل من النفط وإلى أجل غير مسمى.
هذه السمة أو السلوك لا يمكن تغييره جذريا، لكن ضبطه وتهذيبه بطرق مختلفة تختلف باختلاف واقع الحال والظروف والعوامل المؤثرة المباشرة وغير المباشرة، التي تؤدي إلى تقلب أسواق النفط واضطراب منظومة العرض والطلب. الظروف الطبيعية المختلفة من زلازل وبراكين وأعاصير وثلوج وغيرها تؤثر بلا شك في منظومة العرض والطلب، كونها تهدد سلامة الإمدادات وسلاسلها من صناعة المنبع مرورا بالصناعة الوسيطة وانتهاء بصناعة المصب. أيضا الظروف السياسية والاقتصادية والأمنية وغيرها تؤثر بصورة مباشرة في أسواق النفط، فكما ذكرت في مطلع هذا المقال أن الظروف والأحداث والتحديات هي صفة ملازمة وسلوك طبيعي لأسواق النفط لا يمكن تغييره، لكن يمكن تهذيبه وضبطه.
المملكة تستشرف مستقبل الطاقة، وعلى رأسه النفط، بحكمة يشار إليها بالبنان، وتعي أهمية تنويع مصادر الطاقة، ومنها الطاقة المتجددة والنووية وغيرهما، لذلك لا يخفى على أحد، الجهد الكبير والحراك الاستثنائي الذي تبذله الجهات ذات العلاقة نحو تحقيق هذا الهدف. أود أن أشير هنا إلى أن المملكة تنظر إلى هذا التنويع بنظرة استشرافية مختلفة تماما عن مناهضي الوقود الأحفوري، وعلى رأسه النفط، ومنظري حماية البيئة والمناخ أصحاب الأجندات السياسية والاقتصادية ضيقة الأفق.
المملكة مؤمنة -في اعتقادي- أن النفط سيظل متربعا على عرش مصادر الطاقة إلى عقود طويلة، إضافة إلى حقيقة لا يمكن تجاهلها أن النفط خصوصا، والوقود الأحفوري عموما، ليس حكرا على الطاقة وحسب. هناك -مع الأسف- من يحاول تمرير بقصد أو بغير قصد صورة ذهنية غير صحيحة تماما -في اعتقادي- عن المملكة، وأن سبب كونها صمام أمان لأسواق النفط هو قدرتها الإنتاجية! لا يمكن لذي لب إنكار أن القدرة الإنتاجية لها دور رئيس لضبط أسواق النفط، لكن أعتقد جازما أن هذه القدرة إذا لم تواكبها حكمة في اتخاذ القرار، ونظرة استشرافية فاحصة، وثقل سياسي واقتصادي، وأيضا سياسة إنتاجية واضحة تخدم مصالح المنتجين والمستهلكين على حدا سواء، أعتقد أن هذه القدرة الإنتاجية لن تكون جزءا من الحل، بل ستصبح رأس المشكلة وعينها!
سياسة إنتاج السعودية للنفط كانت وما زالت وستبقى -بإذن الله- تراعي مصالح جميع الأطراف من منتجين ومستهلكين، وتحافظ على أسعار تخدم الطرفين، ما يحقق الرخاء والاستقرار والنمو للجميع.
تنويع مصادر الطاقة يحافظ على ثروة الوقود الأحفوري الناضب، على المستويين الداخلي والخارجي، ويضيف شرايين جديدة للطاقة العالمية تسهم إسهاما فاعلا في مواكبة النمو السكاني والصناعي العالمي، حيث إن مزيج الطاقة هو ضرورة للحفاظ على المصادر الناضبة منها، وللحفاظ على أمن الطاقة العالمي والمستقبل المحفوف بمخاطر شح الطاقة وانعكاساته الكارثية -لا قدر الله- الذي يسير إليه بعض الدول بوعي أو بلا وعي. ما أود التأكيد عليه بقناعة تامة وبفخر منقطع النظير، أن السبب الرئيس كون المملكة صمام أمن الطاقة العالمي، ومايسترو أسواق النفط ليست قدرتها الإنتاجية، بل الحكمة والموثوقية والالتزام نحو هذا القطاع ونحو أطرافه، واستشراف مستقبل الطاقة بموضوعية يفتقدها كثير من الذين حجبت أبصارهم الأجندات السياسية والاقتصادية الضيقة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي