الأسواق الواعدة ومستقبل الاستثمار

انتهى يوم أمس مؤتمر "مبادرة مستقبل الاستثمار" في نسخته السابعة، بعد أن جذب انتباه العقول والأموال نحو الفرص والتحديات المستقبلية التي يواجهها العالم، من مواضيع الذكاء الاصطناعي والجنوب العالمي والتقنيات الجديدة إلى تحديات إنسان اليوم الصحية والتعليمية والتنموية. على هرم هذه المواضيع كانت سمة المؤتمر الأساسية التي تدور حول توقع التوجهات الجديدة في تلك المجالات. ومن ضمن أحد أهم المواضيع العملية التي نوقشت ما يدور حوال توقع الأسواق الواعدة والجديدة التي تهم المستثمرين الدوليين خصوصا.
تكمن أهمية الاستثمار في الأسواق الواعدة في عدة نقاط، أهمها: سرعة نموها، حجم عوائدها، ومعاكستها للتيار، أو تحديدا، تحقيقها مسيرة نمو غير متوافقة بالضرورة مع النمط العام للأسواق المالية العالمية. لكن يكمن التحدي الذي يواجهه المستثمرون في العادة حول أهلية هذه الأسواق للاستثمار، إذ إنها تتفاوت كثيرا وقد تكون من حيث الجاهزية والنضج قريبة من الأسواق المتقدمة والناشئة وقد تكون أدنى من ذلك بكثير، فتعرف بالفساد وغياب البنية التحتية وعزلتها وصعوبة الخروج منها. لكن إجمالا، تصنف هذه الأسواق وفق نضج مراكز تبادل الحصص "البيع والشراء" وحجم أسواق المال. وتراوح هذه الأسواق في معيار الأفضلية عند المستثمرين وفق معاييرهم المختلفة التي تبدأ من الجوانب الديموغرافية وطبيعة التركيبة السكانية وحتى فرص النمو ونسب الاستهلاك والشمول المالي والتقني وبكل تأكيد مستويات الحوكمة وكفاءة الحكومة في تلك الأسواق والدول.
بعيدا عن المؤشرات الاقتصادية التقليدية لاختيار السوق الواعدة الأفضل، هناك عدة جوانب أخرى يمكن استخدامها في تقييم الدول والأسواق في منطقة ما، من ضمن ذلك: مستوى تفاعل المجتمع بكل مكوناته مع الأطراف الأخرى المحلية والدولية لحل المشكلات ومواجهة التحديات، فالعزلة لا تصنع الفرص والتفاعل والحراك دائما ما يعدان مؤشرا ومبشرا للنمو. طريقة تفاعل هذه السوق التي يدرسها المستثمر مع الشركات العالمية الكبرى، هل هي منفرة لها أم منقادة مستجيبة؟ أم بين ذلك وذاك؟ من المهم أن تكون السوق المستهدفة متفاعلة ومستفيدة من كبار اللاعبين على مستوى المنطقة والعالم، لكن يجب ألا يكون ذلك على حساب الأعمال المحلية أو المنتج المحلي، ينبغي ألا يكون فتح الأسواق سببا لقتل العرض والطلب الخاص بالسوق المحلية.
من الجوانب الأخرى التي تهم المستثمر مدى نضج البنية التحتية وفاعلية الأنظمة الحكومية، وهذا لاهتمامه بسرعة التعامل وبناء الثقة والمصداقية واستيفاء الحقوق، وكلها من شروط تحقيق النمو في أي سياق استثماري. تغيرت اليوم المعادلة الخاصة بهذا الموضوع كثيرا بسبب التقنية. لقد سرعت التقنية من معالجة كثير من التحديات السابقة ومكنت الدول من تجاوز كثير من العقبات بتكلفة أقل وبنتيجة أفضل. ومع ذلك لا يمكن الافتراض أن كل سوق تحقق المتطلبات التقليدية الخاصة باحتمالات النمو بأنها سوق واعدة "مثلا تركيبة سكانية شابة ووجود موارد متنوعة... إلخ". أسلوب تطبيق التقنيات التنظيمية، وأسلوب تفاعل الحكومة تقنيا، ومدى تفاعل القطاع الخاص ومشاركته لذلك، محدد رئيس لفرص النمو هنا. لأن هذه العناصر هي ما يقلل من آثار أخطار الفساد والأخطار القضائية والتنظيمية.
معظم الأسواق العالمية غير المتقدمة تمثل فرصا محتملة لكنها مليئة بالأخطار، المستثمر يبحث عن السوق الواعدة والسوق الواعدة هي التي تؤكد نموها بمعايير أكثر دقة وإيجابية عن غيرها من الأسواق. الممارسات التطويرية العامة خصوصا تلك التي تستفيد من التقنية بشكل ذكي هي ما يعطي الأفضلية. ما حققته المملكة في هذا الجانب خير مثال، واليوم تقود العالم في عملية إعادة تعريف التوجه "أو ما يسمى في المؤتمر: البوصلة الجديدة"، وتعرفهم بها على هامش هذه الفعاليات التي تقودها بكل اقتدار.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي