رشق وقصف

شتان بين الرشق والقصف، فالمفردة الأولى ناعمة لطيفة مهذبة، والمصطلح الثاني عنيف قاتل مدمر، ولا نعلم كيف اجتمعا لتجسيد الواقع وفقا لنصوص الأخبار المحمولة على أجنحة وسائل الإعلام، أما من قرر توزيع المصطلحات على هذا النحو فقد كشف عن إدراك تأثير الرشق قياسا لمخرجات القصف، بل جاءت الصياغة لتقرير معرفة مبكرة للنتائج على أرض الواقع ولا يمكن توقع غير هذا على الإطلاق، خاصة أن المصطلحين ظهرا من ساحة المعارك، وأن الرشق سبق القصف، ولذلك جاز لنا القول: إن استفزاز العدو الغاشم صاحب الأطماع بالرشقات قبل الإعداد والاستعداد وترميم العلاقات الداخلية فعل يفاقم الخسائر ويهدم المكتسبات التي كان بالإمكان البناء عليها وإن كانت متواضعة، بل إن بعض الأفعال تعيد حلم الخلاص إلى نقطة الصفر وتمنح العدو المدعوم الغاشم فرصة التوسع للحصول على مكاسب جديدة، ولهذا لا ينبغي أن نحمل الشعوب العربية المتوثبة لمواكبة العالم المتقدم والمتطلعة لنهضة تمكنها من مجاراة بل تجاوز الآخر إرهاصات ونتائج غير محسوبة على نحو ما نرى، خاصة أن كل ما تم تقديمه من تضحيات مادية ومعنوية لا حصر لها على مر أعوام طويلة لم تحظ بتلويحة تقدير صادقة بما في ذلك الجهود المضنية لإعادة لحمة الفصائل المتناثرة، التي ما زالت متنافرة حتى تاريخه، خاصة أن آمال الخلاص تضاءلت في أعقاب ارتماء بعض الفصائل في أحضان متأبطي الشر من أصحاب الثارات التاريخية ليتفاقم سيل الاتهامات وتلفيق الأكاذيب لمن لا يحتاج لبراهين إثبات الدعم والمساندة، فبات العدو المتربص يحظى بالولاء والتقدير مستعينا بالفخاخ والمغيبين، بل يتهيأ لتصدير النسخة الثانية من الفوضى العارمة التي أسقطت أربع عواصم عربية وأعادت شعوبا متوثبة عزيزة إلى العصور الوسطى، وما زال الممول والكاره والحاقد عازم على تحقيق أحلام إبليس بالجنة لإحراز المبتغى المستحيل، فيما ندرك أن كل ذي نعمة محسود، وأن تلك المحاولات تتكسر على صخرة الوعي الوطني المتنامي، الذي بلغ مرحلة الفخر وأضحى سدا منيعا أمام كل محاولات التخريب الفاشلة لوسائل إعلام تعمل بحرية تامة في أوساط قادة التطرف ومصدري الثورات، كما تعمل بالقدر نفسه من الحرية مع مناهضي الإرهاب، بل تنطلق من أحضان القواعد في تناقض مشبوه ومكشوف ومسكوت عنه، حتى أضحت مجسدة لمقولة "يقتل القتيل ويصور الجنائز"، ولأن ماكينة التشوية نشطة بفعل المال القذر ولن تتوقف ولو أصبحنا ملائكة، بل تزداد ضراوة كلما علا الشأن السعودي، ولأن المخططات الساقطة مستمرة لأهداف تدميرية، فقد بدأ المستور يطفو على السطح عاريا في أعقاب اختلاق الأكاذيب وتزييف الحقائق وتشنيف الآذان بمزيد من الافتراءات ليتصدى السعوديون والسعوديات والمنصفون والمنصفات من الأشقاء والأصدقاء لسيل الزيف فيذوب تحت قبة الوعي المتنامي ويصبح هباء منثورا، وبذلك تنكشف عورة المستميتين لهدم الإسلام بطرق شتى لا تنتمي للمروءة والشهامة وثوابت الدين بصلة، وتستمر عجلة الرقي والتنمية ويتضخم الحقد ورما قاتلا في قلوب المرضى، والعلاج يكمن في الانشغال بتنمية وطن يوجع وهو يعلو، لنتمتع بصوت ارتفاع الصراخ المساوي لمقدار الألم، بل ليتساقط كارهو الرقي السعودي صرعى، كما فعلو على مر التاريخ القديم منه والحديث، ولنا أن ندعو بالعون للسعودية على تحمل تبعات مواقفها المشرفة من القضايا العربية والإسلامية في ظل إيثار لا مثيل له.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي