صناعة الأزياء والحفاظ على البيئة

تعد الأزياء من الصناعات العالمية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات وتخصص لأعمال صنع وبيع الملابس. ويميز بعض المراقبين بين صناعة الأزياء الراقية وصناعة الملابس العادية، بيد أن الحدود بينهما أصبحت غير واضحة المعالم بحلول السبعينيات، وقد يبدو أن ثمة اختلافات بين أزياء المصممين باهظة الثمن التي تستعرض في دور الأزياء في باريس أو نيويورك والأزياء التي تظهر في الملابس الرياضية ذات الإنتاج الضخم وأنماط أخرى من الأزياء العادية التي تعرض في مراكز التسوق في أنحاء العالم. ومع ذلك، فإن صناعة الأزياء تشمل تصميم وتصنيع وتوزيع وتسويق وتجارة التجزئة والإعلان والترويج بدءا من أنواع الملابس الرجالية والنسائية والأطفال من الأزياء الراقية الأكثر ندرة والأكثر تكلفة وأزياء المصممين إلى الملابس اليومية العادية.
ومن الملاحظ أن صناعة الأزياء قد تأثرت بسبب جائحة كورونا، لكنها عادت إلى مستويات ما قبل الجائحة، حيث نمت صناعة الملابس والأحذية العالمية بنسبة 18.1 في المائة من الأسعار في نهاية 2020. وتقدر قيمة سوق صناعة الأزياء العالمية بـ1.7 تريليون دولار في العام الحالي، حيث حققت سوق الأزياء معدل نمو قدره 5.46 في المائة في 2017 بعد أن بلغت 6.2 في المائة في 2022. وتقارب صناعة الأزياء 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتقدر قيمة صناعة الأزياء في الولايات المتحدة بنحو 343.7 مليار دولار، متصدرة دول العالم في الترتيب حسب إيرادات سوق الأزياء وتليها الصين ولا ننسى إيطاليا وفرنسا والهند وغيرها. وبالنسبة للإيرادات في سوق الأزياء فمن المتوقع أن تصل إلى 768.70 مليار دولار في 2023، وتظهر توقعات الإيرادات أنها تسير بمعدل نمو مركب سنوي بين 2023 و2027 بنسبة 9.45 في المائة، ما ينبئ بنمو سوق الأزياء العالمية في الأعوام المقبلة. الجدير بالذكر أن قيمة سوق الأزياء بالتجزئة قد بلغت في المملكة ما يقارب 24 مليار دولار بنهاية 2021 بحسب ما ذكره بوراك تشاكماك، الرئيس التنفيذي لهيئة الأزياء السعودية.
ومع أن صناعة الأزياء تدر أرباحا كثيرة، إلا أنها واجهت رياح المحافظة على البيئة، حيث تستهلك صناعة الأزياء كميات هائلة من الموارد وتولد تبعا لذلك كميات كبيرة من التلوث والنفايات من زراعة المواد الخام إلى إنتاج الملابس وتعبئتها ونقلها، ولعل أحد أهم التأثيرات البيئية لصناعة الأزياء هو استخدام المياه بشكل واسع وبكميات كبيرة. وتنحصر المشكلات البيئية الناجمة عن صناعة الأزياء في آثار الألياف البلاستيكية التي تعمل على تلويث المحيطات والبحار والبحيرات والأنهار، إضافة إلى إنتاج الأصباغ والمواد السامة. ولقد أظهرت بعض التقارير أن صناعة الأزياء تمثل نحو 8 إلى 10 في المائة من انبعاثات الكربون العالمية، وما يقرب من 20 في المائة من مياه الصرف الصحي.
وفي حقيقة الأمر، فإن صناعة الأزياء وسلاسل التوريد الخاصة بها تعد من المراكز الأولى من الصناعات المسؤولة عن التلوث في العالم، حيث تطلق 1.2 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا، أي أكثر من صناعة الشحن والطيران مجتمعة في العالم. ولذلك خرجت الأصوات التي تنادي باعتماد مبدأي الاقتصاد الدائري وإعادة التدوير من أجل استدامة صناعة الأزياء التي ما برحت في وقتنا الحاضر تكتسب الزخم الكبير والعوائد الوفيرة.
إن مبدأي الاقتصاد الدائري وإعادة التدوير ليسا حصرا على صناعات الطاقة والكهرباء والمياه فقط، لكنها تمتد إلى صناعات أخرى من ضمنها الأزياء، حيث يركز الاقتصاد الدائري على الاستفادة من المنتجات لأطول فترة ممكنة، وتقليل النفايات، والحفاظ على بيئة صحية نظيفة. ومن المتوقع أن صناعة الأزياء ستتبنى ممارسات مستدامة مع استمرار تزايد المخاوف البيئية، حيث إن الملابس ستصنع من مواد مبتكرة وصديقة للبيئة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي