كم يساوي اليوم في حياتك؟
كم يساوي اليوم في حياتك؟
وكم المبلغ الذي لا تتردد في دفعه مقابل العيش يوما إضافيا جديدا؟
ولو كنت تملك 365 مليون دولار، وعرض عليك الجلاد تأجيل حكم الإعدام مقابل دفع مليون دولار عن كل يوم تعيشه، هل توافق؟ أتوقع أن جميع الناس سيوافقون على هذا العرض ـ باستثناء رجل يعتقد أن حياته أقل أهمية من ترك المال لعائلته.
أسئلة كهذه تطرح عادة لوضع قيمة مادية لمواقف إنسانية لم نعتد تقييمها بالمال. رغـم صعوبة الاتفاق على القواعد والنتائج، يمكن لسؤال عدد كاف من الناس تقديم "متوسط مادي" قريب من الصحة.
خذ مثالا جامعة برلين التي نظمت دراسة شملت دولا ثرية وفقيرة لمعرفة المقابل المادي الذي يتنازل عنده الإنسان عن حياته وكرامته وزوجته. وتضمنت الدراسة أسئلة مشتركة مثل: بكم توافق على قتل شخص لا تعرفه؟ وبكم تتنازل عن أحد أطفالك؟ وبكم تبيع إحدى عينيك؟ وبكم تقبل تطليق زوجتك؟ رغم أن الجميع وافق في النهاية "عند ثمن يوازي كرامته" كان السعر يزيد وينقص باختلاف الدول والمجتمعات، فقد لوحظ مثلا أن معظم الناس في الدول الفقيرة يوافقون بسهولة على هذه الطلبات "باستثناء التنازل عن الزوجة" في حين لم يوافق مواطنو الدول المتقدمة على قتل غيرهم إلا بعد تجاوز المليون دولار. ورغم مظاهر الأنفة في فرنسا واليابان وافق معظم الرجال على بيع كلاهم وهجر زوجاتهم مقابل مبلغ يقل عن قتل رجل غريب في كولومبيا وهندوراس.
أيضا، هناك دراسة بريطانية اعتمدت على سؤال شريحة كبيرة من الناس عن القيمة المادية المعادلة لـ50 ظرفا وعلاقة وإنجازا شخصيا، مثل الزواج والتخرج والصحة وقيمة الصداقة والحب والمجتمع الآمن. فمن خلال استطلاع نظمته جامعة بورتسموث اتضح أن مشاعر الحب تساوي في بريطانيا 163,424 جنيها استرلينيا، في حين تساوي حياة زوجية مستقرة 154,849 جنيها استرلينيا، وامتلاك أصدقاء أوفياء 63,256 جنيها استرلينيا، والعيش في بلاد آمنة 129,448 جنيها، والقدرة على الإنجاب بقيمة 123,592 جنيها.
هذه كلها مجرد أمثلة تثبت أن لكل شيء ثمنا ماديا يسكن اللاوعي الإنساني يمكن التعبير عنه بلغة الأرقام ـ بما في ذلك المبادئ والمعتقدات والتقاليد الموروثة. ورغم تسليمي بهذه الحقيقة القاسية، ما زلت عند رأيي القديم بأن الثري الحقيقي هو "من يملك أشياء لا يمكن شراؤها بالمال".حاول الإجابة عن أسئلة جامعة برلين لمعرفة مستوى فقرك وغناك.