التقدم التكنولوجي يؤثر في التجارة «4 من 4»

لسوء الحظ، فإن الجغرافيا السياسية هي ما يشكل ابتكار التكنولوجيا الجديدة ونشرها، بما ينطوي عليه هذا الأمر من تداعيات خطيرة على التنمية والعمل المناخي. فقد دأبت الولايات المتحدة على فرض تعريفات جمركية على معظم الواردات من الصين، وتضع قواعد تنظم نسبة متزايدة من الصادرات، وهو ما ترد عليه الصين بالمثل. وتؤدي هذه التعريفات إلى إبطاء النمو في أكبر قوتين تدفعان الاقتصاد العالمي، وإلحاق الضرر بالابتكار العالمي.
ويعد الخطر الذي تنطوي عليه المبالغة في هذه الإجراءات أمرا حقيقيا له تداعيات خطيرة على التجارة والنمو. فبدلا من اتباع منهج عام، سيستفيد النمو والابتكار من الحماية التي توفرها الحكومات فقط للمنتجات المعرضة للتهديد بسبب التكنولوجيا، جنبا إلى جنب مع توسع مستمر وتكامل أعمق مع الشركاء الجديرين بالثقة.
ويوجد أيضا خطر أن تحدث السياسات المتبعة رد فعل عكسيا. على سبيل المثال، يمكن أن تؤدي الضوابط على صادرات الرقائق الإلكترونية المتقدمة والأدوات اللازمة لإنتاجها إلى أن تفقد الولايات المتحدة ميزتها الهائلة في التصميم نتيجة انخفاض حصتها في السوق وتحول الحوافز إلى الخارج. وإذا حدث هذا الأمر، فقد تؤدي السياسة المتبعة في نهاية المطاف إلى أخطار أكبر على الأمن.
ولعل السؤال الذي يجب على الدول الأخرى طرحه هو ما الذي يتعين فعله لتتجنب أن تجد نفسها وسط آتون الصراع بين الولايات المتحدة والصين؟ ومن حسن الحظ أنه رغم الأخطار الأمنية، لا تزال معظم أسس الاقتصاد القياسي صامدة. والدول التي تشجع دخول الشركات وتوسعها عن طريق توفير مناخ استثمار جيد، وبنية تحتية سليمة، وإمكانية الحصول على التمويل ستظل في طليعة عمليات الابتكار. وسيستمر انفتاح التجارة والسياسات التي يمكن التنبؤ بها في توجيه الموارد إلى أكثر استخداماتها إنتاجية. ومع انتقال جزء من الإنتاج بعيدا عن الصين، فإنه يمكن للدول التي تلتزم بهذه السياسات تحقيق استفادة.
ويجب على جميع الدول تجنب الوقوع في إغراء الجاذبية الخادعة للتدخل الحكومي على نطاق واسع. فقد جاء النمو الاقتصادي الكبير الذي حققته الصين على مدار الـ30 عاما الماضية مدفوعا بإصلاحات حفزت القطاع الخاص الصناعي، إلا أن النمو آخذ في التباطؤ حاليا. ولعقود عديدة، كان هناك تقليل من شأن القطاع الخاص في الصين، لكن في الوقت الحالي هناك مبالغة في قدرة القطاع العام على توجيه النمو. وبدلا من السياسات الحمائية والصناعية، فإن الحفاظ على إمكانية التنبؤ، ووجود نظام قائم على القواعد، والانفتاح التجاري، والقدرة على الحصول على رؤوس الأموال هو ما سيبقي الدول في الاتجاه الصحيح.
وربما يتمثل الخطر الأكبر الذي ينطوي عليه الاتجاه الحالي نحو اتباع هذه السياسات في أن مثل هذه الممارسات سريعة الانتشار. ولا يتوقف التاريخ عن إظهار أن التعريفات الجمركية تؤدي إلى تدابير انتقامية، حتى إنها تتسبب في فرض مزيد منها. بالمثل، فإن دعم الحكومة شركة أو صناعة بعينها يجعل المنافسين الأجانب في وضع سيئ، ما يدفعهم إلى ممارسة الضغط للحصول على دعم مماثل. إن عالما تخرج فيه الحمائية والدعم عن السيطرة من شأنه أن يخطو خطوة هائلة إلى الوراء على مسار زيادة الدخل على مستوى العالم ومواجهة التحديات الملحة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي