القوى العظمى تتخلى عن التجارة الحرة «2 من 3»

في كانون الأول (ديسمبر) 2022، أعلنت كندا ودولها الصديقة والحليفة "أستراليا، فرنسا، ألمانيا، اليابان، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة" تكوين تحالف المعادن الحيوية المستدامة، كما تعكف مجموعة السبع على وضع مبادرة للاستثمار في أمن إمدادات المعادن الحيوية. وبالنسبة للاقتصادات النامية، قد يبدو ذلك عودة إلى سياسات الحرب الباردة عندما والى قادة عدد من الدول مثل زائير "الكونغو الديمقراطية حاليا" التي امتلكت موارد استراتيجية جانبا دون الآخر، ما تسبب عادة في تداعيات مدمرة على نظام الحوكمة.
فعالية العمل المناخي: أطلقت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مزيجا قويا من السياسات الصناعية وإعانات الدعم والقيود التجارية لتشجيع الشركات المحلية والخارجية على الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. ففي الولايات المتحدة، يتضمن "قانون خفض التضخم" الجديد إعانات دعم بقيمة 400 مليار دولار لمصلحة الطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية التي تحوي حدا أدنى من القطع المصنعة في أمريكا الشمالية. وقد أسهمت هذه الأحكام بالفعل في عودة استثمارات الشركات الأمريكية إلى الولايات المتحدة وجذب مستثمرين أجانب مثل شركة بي إم دبليو، مرسيدس ـ بنز، ستيلانتس، وتويوتا. كذلك أطلق الاتحاد الأوروبي الاتفاق الأخضر الأوروبي وآلية لتعديل ضريبة الكربون الحدودية "والمقرر تفعيلها في تشرين الأول (أكتوبر) 2023" بهدف فرض "تعريفة انبعاثات" على الواردات. وبالنسبة للاقتصادات النامية، تبدو الجوانب التجارية لهذه المبادرات مماثلة لما أطلق عليه "الحصن الأمريكي" و"الحصن الأوروبي"، أي أن الدول الغنية المسؤولة عن معظم الانبعاثات المهددة للمناخ تغلق حصونها المبنية على أسس الرخاء دون الدول الأخرى.
مواجهات الحرب العدوان: عندما بدأت الحرب الروسية - الأوكرانية، سارعت القوى الغربية الغاضبة إلى تصميم حزمة من العقوبات الاقتصادية والتجارية. ولكن دولا عديدة لم تنضم إليها. وعانى عدد من الاقتصادات النامية من مشكلات مثل الاعتماد على روسيا "لأغراض الأمن أو الحصول على الحبوب"، وعدم مشاورتها بشأن العقوبات، والمخاوف إزاء هذه العقوبات التي قد تستخدم ضدها مستقبلا.
وتعني الأولويات الجديدة للدول القوية عالما أقل يقينا إلى حد كبير بالنسبة للدول الأصغر والاقتصادات النامية. فقد ينقسم الاقتصاد العالمي إلى كتلتين متنافستين، وتتضح التداعيات في دراسة صدرت أخيرا عن منظمة التجارة العالمية التي تتوقع تراجعا كبيرا في مستويات الرفاهية "أو انخفاضات تراكمية في مستوى الدخل الحقيقي" يصل إلى 12 في المائة في بعض المناطق، ويبلغ التراجع ذروته في المناطق الأقل دخلا.
وهناك شواهد بالفعل على التفكك الاقتصادي بين الولايات المتحدة والصين "بخلاف التفكك التكنولوجي المشار إليه آنفا". ففي 2016، بلغت الاستثمارات الصينية المباشرة في الولايات المتحدة ذروتها لتصل إلى 46,5 مليار دولار، لتسجل تراجعا حادا إلى 4,8 مليار دولار في 2019. ويعكس ذلك الضوابط على رأس المال الوافد التي فرضتها "لجنة الاستثمار المباشر في الولايات المتحدة" المنبثقة عن الحكومة الأمريكية، والزيادة الحادة في حجم الضوابط على رأس المال الخارج التي فرضتها السلطات الصينية. وأخيرا ـ رغم تسجيل التدفقات التجارية بين الولايات المتحدة والصين مستويات قياسية في 2022 بلغت 690,6 مليار دولارـ تراجعت نسبة السلع الصينية في مجموع الواردات الأمريكية وقيمة السلع الأمريكية المصدرة إلى الصين كنسبة من مجموع الصادرات الأمريكية. وقد أشار تقرير صادر عن شركة DHL وكلية ستيرن لإدارة الأعمال أخيرا إلى أن التراجع في التدفقات عبر الحدود بين الصين وحلفاء الولايات المتحدة كان أقل بكثير، ما يعني أن وتيرة التفكك ربما تكون أكثر تباطؤا وأضيق نطاقا في دول العالم الأخرى... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي