تقارير و تحليلات

26.27 % حصة السعودية من سوق الصكوك العالمية .. 201 مليار دولار

26.27 % حصة السعودية من سوق الصكوك العالمية .. 201 مليار دولار

استحوذت إصدارات الصكوك القائمة للجهات السعودية على أكثر من ربع الإصدارات القائمة العالمية لسوق السندات الإسلامية بنهاية العام الماضي، وسط طفرة للإصدارات المقومة بالريال السعودي خلال الفترة الماضية.
وأظهر رصد لوحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، أن إصدارات الجهات السعودية من الصكوك -سواء التي تمت بالعملات الصعبة أو المحلية- قد بلغت 201 مليار دولار بنهاية 2022، مسجلة حصة سوقية بـ26.27 في المائة من السوق العالمية للصكوك.
وشكلت الإصدارات المقومة بالريال، من الصكوك، ما يصل إلى 140 مليار دولار "تعادل 525 مليار ريال" ونحو 61 مليار دولار لإصدارات الصكوك المقومة بالعملات الصعبة الأجنبية والصادرة عن الجهات العاملة في السعودية.
ولا تشمل الإحصائية الإصدارات الخاصة من الصكوك التي لا يكشف عن بياناتها، كما لا تشمل الإحصائية أحجام إصدارات السندات التقليدية للقطاع الخاص السعودي.
وفي الإطار ذاته، بلغ حجم سوق الصكوك العالمية 765.3 مليار دولار بنهاية 2022 -مع نسبة تعثر عن السداد طفيفة بلغت 0.21 في المائة- لكنها حققت نسبة نمو بلغت نحو 7.6 في المائة على أساس سنوي، وفقا لبيانات وكالة فيتش للتصنيف الائتماني.
وغير معروف فيما إذا كانت هذه الإحصائية تشمل الإصدارات المقومة بالعملة المحلية. يذكر أن حجم سوق الصكوك العالمية بنهاية 2021 قد بلغ 711.3 مليار دولار. وبحسب بيانات "ريفينيتيف" فإن سوق الصكوك العالمية يتوقع لها نسبة نمو تصل إلى 7.9 في المائة ليبلغ حجمها بحلول 2027 نحو 1.1 تريليون دولار.
على الجانب الآخر، بلغت القيمية السوقية للصكوك الخضراء والاجتماعية ما يصل إلى 24.5 مليار دولار بنهاية 2022، مسجلة نموا على أساس سنوي بلغ 62.9 في المائة، بحسب وكالة فيتش للتصنيف الائتماني.
وبحسب "ريفينيتيف"، فإن سبعة بلدان من القارة الإفريقية أصدرت صكوكا في 2022، مقارنة بـ12 دولة من آسيا ودولتين من أوروبا. وفي المجمل فإن 32 دولة حول العالم قد أصدرت -أو إحدى الشركات في تلك الدول- صكوكا منذ أول اصدار للسندات الإسلامية في تسعينيات القرن الماضي.
واستند رصد "الاقتصادية" حول إجمالي الإصدارات السعودية المدرجة في السوق الدولية، إلى بيانات منصة "سي بوندز" التي يستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمنصتها من أجل تتبع حركة مؤشرات أسواق الائتمان العالمية، فضلا عن تقييم أداء السندات التي يستثمرون فيها.
وكذلك تمت الاستعانة بمنصة البيانات والمعلومات "ريفينيتيف" وهي الشركة المملوكة لمجموعة بورصة لندن للأوراق المالية.
يذكر أن منصة "ريفينيتيف" تعد أحد أكبر مزودي البيانات الخاصة بالأسواق المالية في العالم، حيث يستعين أكثر من 400 ألف مستخدم ببياناتها النوعية. تقوم المنصة بجمع وتوفير المعلومات وتحديد أبرز التوجهات والتكنولوجيات التي تمكن العملاء من القيام بالاستثمارات، وإجراء عمليات التداول وتسهم في دعم الأداء، والابتكار ونمو الأعمال.
توقعات إصدارات الصكوك في 2023
توقعت وكالة "إس آند بي جلوبال" للتصنيفات الائتمانية، استمرار انخفاض إصدارات الصكوك خلال العام الجاري إلى 150 مليار دولار مقارنة بـ155.8 مليار دولار في عام 2022 و170.4 مليار دولار في عام 2021، على الرغم من استمرار الحكومات في الإصدار بالعملات المحلية لدعم أسواق رأس المال لديها. وأرجعت الوكالة في تقرير لها صدر في يناير 2023، السبب الرئيس لتراجع إصدارات الصكوك إلى انخفاض الأدوات المقومة بالعملات الأجنبية.
تراجعت الإصدارات في أغلبية الدول الأساسية للتمويل الإسلامي، مع استثناءات قليلة شهدت ارتفاعا طفيفا مثل ماليزيا التي تعد الأعلى نموا، وتركيا الساعية إلى الاستفادة من جميع مصادر التمويل المتاحة.
محمد دمق، المحلل الائتماني في الوكالة، توقع أن يؤدي انخفاض وارتفاع تكلفة السيولة العالمية، وزيادة التعقيدات التنظيمية، وانخفاض الاحتياجات التمويلية في بعض الدول الأساسية للتمويل الإسلامي إلى تراجع إصدارات السوق خلال العام الجاري.
لا تزال الوكالة ترى أن الإصدارات تكتسب زخما من خلال تحول الطاقة وزيادة الوعي باعتبارات المسؤولية البيئية والاجتماعية والحوكمة بين المصدرين الإقليميين في الدول الأساسية للتمويل الإسلامي.
وأضاف دمق "يبدو أن سوق الصكوك متأخرة عن سوق الأدوات التقليدية عندما يتعلق الأمر بالأتمتة وإصدار الأدوات الرقمية، ما قد يسرع من النمو ويجعل العملية أكثر جاذبية".
وتقود دول جنوب شرق آسيا الطلب على التمويل الإسلامي هذا العام، إذ تعزز أسعار النفط موارد دول الخليج وبالتالي فإن احتياجها إلى الاستدانة يتراجع، وفق وكالة "موديز".
من جهته، قال ألكسندر بيرجيسي، نائب الرئيس ومسؤول ائتمان أول في الوكالة، "إن ماليزيا وإندونيسيا وتركيا ستصبح أكبر مصدري الصكوك السيادية في عامي 2023 و2024".
وذكرت "موديز" في تقرير صدر في مارس 2023 أن إصدارات الصكوك التي تعد أبرز التمويلات الإسلامية، ستستقر خلال العام الجاري عند مستوى قد يصل إلى 175 مليار دولار، منها 85 مليار دولار صكوك سيادية. وفي الوقت نفسه، أعلنت السعودية عن خطط لإطلاق برنامج محلي للصكوك الادخارية الذي يستهدف مستثمري التجزئة.
باعت مصر هذا العام، صكوكا سيادية للمرة الأولى في تاريخها، بقيمة 1.5 مليار دولار لأجل ثلاثة أعوام، ضمن برنامج للسندات الإسلامية قيمته خمسة مليارات دولار.
وأكد أشرف مدني، نائب الرئيس ومسؤول ائتمان أول في "موديز"، أن السعودية وماليزيا ستحافظان على مكانتيهما الرياديتين، لكن احتمالات نمو التمويل الإسلامي في أماكن أخرى لا تزال مرتفعة، بحسب تقرير شركة التصنيف.
وقامت بعض جهات الإصدار الخليجية بسداد التزاماتها على نحو مبكر، مثل إمارة دبي التي قامت بسداد صكوك قيمتها 300 مليون دولار قبل موعد استحقاقها.
التمويل الإسلامي
في المقابل، ترى "ستاندرد آند بورز" أن التمويل الإسلامي ككل سيحقق نموا في خانة العشرات لعام 2023، بعد أن بلغ نمو إجمالي أصول القطاع 10.2 في المائة في 2021 "باستثناء إيران"، ليصل إلى 2.5 تريليون دولار.
ومع أن ارتفاع أسعار النفط سيدعم انتعاشا أقوى في عديد من الأسواق الأساسية للتمويل الإسلامي، إلا أن الظروف العالمية المعاكسة قد تغير الصورة، بما في ذلك الصراع بين روسيا وأوكرانيا، واستمرار ارتفاع معدلات التضخم ورفع أسعار الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
كما أشار التقرير، الصادر من وكالة التصنيف في يونيو 2022، إلى أن قطاع التمويل الإسلامي "يعاني نقاط ضعف هيكلية، وبالتحديد الإجراءات المعقدة المرتبطة بهيكلة الصكوك، وافتقار بعض المنتجات إلى القدرة التنافسية، وارتباط الأداء بأسعار النفط نظرا إلى تركز القطاع في البلدان المصدرة له، ومكافحة المصرفية الإسلامية للتوسع إلى ما وراء حدودها التقليدية".
الصكوك كأسهم
علاوة على ذلك، فإن التفضيل الواضح لبعض علماء الشريعة لفرض نسبة أعلى من الأرباح والخسائر في الصكوك يطرح تحديات قانونية، ويضائل شهية المستثمرين والمصدرين بشكل ملحوظ بمجرد أن تصبح الصكوك أدوات شبيهة بالأسهم، حسب "ستاندرد آند بورز"، مضيفة أن "الأصوات القادمة من علماء الشريعة الذين يدعون إلى زيادة الخصائص الشبيهة بالأسهم، وأصوات المستثمرين الذين يفضلون زيادة الخصائص الشبيهة بالديون، يمكن أن تعطل السوق وتحول تركيز المستثمرين إلى الأسواق والمنتجات التقليدية".
أما أبرز الفرص لنمو التمويل الإسلامي، فتتمثل في إطلاق منتجات متوافقة مع المعايير البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، إذ هناك توقعات بأن تحدث زيادة في إصدارات الصكوك الخضراء. كما يمكن أن تجذب الصكوك الرقمية اهتماما كبيرا من المستثمرين في المستقبل، وفقا لوكالة ستاندرد آند بورز.
نمو التمويل الإسلامي يفوق نمو نظرائه التقليديين
أفادت وكالة موديز في تقرير نشرته في مارس 2023 بأن الطلب على التمويل المتوافق مع الشريعة الإسلامية سيواصل ارتفاعه في عام 2023، مدعوما بنمو اقتصادي قوي وسط ارتفاع أسعار النفط وخطط التنمية الطموحة في المملكة العربية السعودية والأسواق الأساسية الأخرى.
وقال أشرف مدني، نائب الرئيس، مسؤول ائتمان أول في وكالة موديز، "إننا نتوقع أن يستمر نمو قطاع الصيرفة الإسلامية في الأسواق الأساسية بوتيرة أسرع من نمو نظرائه التقليديين، مدعوما بنشاط اقتصادي قوي في جنوب شرق آسيا ومنطقة مجلس التعاون الخليجي GCC. وستدعم هذا النمو أسعار السلع الأساسية المرتفعة والخطط الحكومية للتنويع الاقتصادي، وقيام الجهات السيادية المستمر بدعم قطاع التمويل الإسلامي وتعزيزه على نحو متواصل، وازدياد الطلب على المنتجات المتوافقة مع الشريعة الإسلامية".
وفيما يتعلق بالتكافل، تتوقع وكالة موديز استمرار نمو أقساط التأمين بشكل معتدل خلال العامين أو الأعوام الثلاثة المقبلة، بمساعدة النشاط الاقتصادي وارتفاع الطلب على التأمين الصحي في الوقت الذي يزداد فيه عدد دول مجلس التعاون الخليجي GCC وإفريقيا وجنوب شرق آسيا التي تطبق نظام التأمين الصحي الإلزامي. وفي الأسواق التي تشهد درجة عالية من المنافسة مثل دول مجلس التعاون الخليجي، من المحتمل أن تلجأ شركات التكافل التي تفتقر إلى الحجم الذي يمكنها من تسريع وتيرة استثماراتها في مجال التكنولوجيا إلى عمليات الدمج والاستحواذ M&A من أجل تحقيق الكتلة الحرجة.
المعيار الشرعي
وكالة إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية أشارت في تقرير لها في يناير 2022 إلى أن سوق الصكوك قد واجهت فترة اضطراب في عام 2021 بسبب تطبيق المعيار 59 لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية "أيوفي"، حيث انخفض حجم إصدار الصكوك في الإمارات، على سبيل المثال، بنسبة 64 في المائة. يرجع ذلك -جزئيا- إلى التعقيدات الإضافية التي أدخلها هذا المعيار. على الرغم من تطبيق الحلول القانونية، إلا أنه كان للتغيير أثر سلبي في رغبة المصدرين والمستثمرين لإصدار الصكوك في ذلك الوقت.
ومن المرجح أن يؤدي ارتفاع مخاطر الأصول المتبقية للمستثمرين والتحديات المتعلقة بتوافر الأصول غير المرهونة في الميزانيات العمومية للمصدرين إلى تراجع الرغبة في الصكوك. ولا ينطبق المعيار 59 فقط على المصدرين المقيمين في الدول التي اعتمدت معايير "أيوفي" لكن أيضا على الدول التي تستهدف المستثمرين من هذه الدول. حتى الآن، تبنت 20 دولة معايير "أيوفي" الشرعية جزئيا أو كليا. معظمها من الدول الرئيسة في صناعة التمويل الإسلامي، على الرغم من أنه من الجدير ملاحظة أن بعض الدول الأساسية الكبرى في التمويل الإسلامي ليست جزءا من القائمة. ومن شأن ذلك، بحسب "إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية"، أن يؤدي إلى تفاقم الاختلافات في الهياكل المستخدمة في الدول الأساسية للتمويل الإسلامي وإلى الانحراف عن الهدف الأكبر وهو الوصول إلى قطاع تمويل إسلامي أكثر تكاملا.
ما المخاطر الجديدة لمعيار أيوفي 59؟
تتم هيكلة عديد من الصكوك الهجينة من خلال مزيج من الأصول والسلع الملموسة. غير المعيار 59 المتطلبات الخاصة بميزة مهمة للمعاملات ضرورية للامتثال للشريعة، وهي نسبة الأصول الملموسة. قبل اعتماد المعيار، كان مطلوبا أن يكون لدى المصدر نسبة لا تقل عن 51 في المائة من الأصول الملموسة و49 في المائة كحد أقصى من السلع عند بدء المعاملة. كان الحفاظ على هذه النسبة، طوال فترة المعاملة، على أساس بذل أفضل الجهود واتخاذ إجراءات تصحيحية في حال كان حدوث خرق غير واضح. مع اعتماد المعيار رقم 59، أصبح الحفاظ على نسبة أصول ملموسة بنسبة 51 في المائة مطلبا قانونيا طوال عمر المعاملة حيث تم توضيح إجراءات معالجة الخرق.
من وجهة نظر وكالة إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية، فإن الامتثال للمعيار 59 يوجد أو يزيد من ثلاثة مخاطر رئيسة. أولها التعرض لمخاطر الأصول المتبقية. فبالنسبة إلى بعض الهياكل، تتزايد المخاطر حيث يصبح وقوع خسارة جزئية "إضافة إلى وقوع خسارة كلية" خطرا متزايدا. في الواقع، إذا كانت هناك معاملة تضم عدة أصول، وتعرض أصل أو أكثر من بينها لخسارة كلية، يمكن خرق نسبة الأصول الملموسة، وقد لا يتم تعويض المستثمرين بالكامل عن استثماراتهم دون الرجوع إلى الجهة الراعية.
وثاني تلك الأمور، تغيير ترتيب المستثمر في سيناريو التصفية، حيث يؤثر المعيار 59 أيضا في اللغة المتعلقة بالتعويض الذي تقدمه عادة الجهة الراعية للصكوك ككيان مستقل، في حال إخلاله بأي من التزاماته التعاقدية. وهذا قد يجعل دائني الصكوك أقرب إلى دائنين ثانويين، حيث قد لا ينظر إلى الالتزامات التعاقدية على أنها تحمل تصنيف الالتزامات المالية نفسها.
وثالث تلك المخاطر يتعلق بزيادة مخاطر السيولة للمصدرين والمستثمرين. يوجد المعيار 59 سيناريوهات محتملة جديدة للتصفية المبكرة للصكوك. إذا كان المصدر ليس لديه أصول غير مرهونة وغير كافية في ميزانيته العمومية، فهناك مخاطر دفع مسبق للأصول الأساسية، أو في حال وقوع خسارة جزئية، فقد يكون هناك تعجيل للصكوك وسدادها قبل استحقاقها. بالنسبة إلى بعض المصدرين، قد يشكل هذا مشكلة، لأنه يتطلب تخطيطا للسيولة.
الصكوك الرقمية
يمكن أن توفر الصكوك الرقمية طريقة أسرع وأقل تكلفة للاستفادة من أسواق التمويل الإسلامي بسبب العدد المحدود من الوسطاء المعنيين. قد تشمل الفوائد أيضا تعزيز الأمان وإمكانية التتبع ونزاهة المعاملة، ما قد يعزز الامتثال للشريعة. ومع ذلك، فإن هذا يفترض توافر تكنولوجيا يمكن الاعتماد عليها ووجود أطر قانونية جاهزة للتكيف مع هذه الأدوات. كما يفترض وجود مستندات قانونية قياسية يمكن استخدامها كنموذج لإصدار الصكوك.
وترى "ستاندرد آند بورز" أن السوق المالية الإسلامية الدولية قد نشرت بالفعل مستندات قانونية معيارية لصكوك الإجارة والمضاربة من الشريحة الأولى. يمكن أن يؤدي تقليل مقدار الوقت والتكلفة ومتطلبات الحد الأدنى من الإصدار إلى فتح سوق الصكوك لشريحة أوسع من المصدرين. سيواصل المستثمرون في الصكوك الرقمية تحمل المخاطر التقليدية، بما في ذلك مخاطر سوق الائتمان والسيولة. كما أنهم سيتعرضون لمخاطر تشغيلية أكبر ناجمة عن الاستقرار التكنولوجي والمخاطر الإلكترونية.
وحدة التقارير الاقتصادية

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات