default Author

حدائق الشفاء

|

قد يأتي اليوم الذي ينصحك فيه طبيبك المعالج بالذهاب إلى الحديقة بدل الذهاب إلى المستشفى والتزود بقائمة من الأدوية!
في هذا العصر يكثر التعب الجسدي والألم النفسي، مع اختلاف تركيبة المجتمعات وعاداتها وسلوكياتها، حيث أصبح كل فرد يعاني بصمت حتى تراكمت الأوجاع النفسية والجسدية التي بالإمكان حلها بالعودة إلى الطبيعة، ليس بنوع الأكل والشرب أو ممارسة الرياضة، بل العودة إلى النشأة الأولى حيث كانت العلاقة بين الإنسان والأرض وطيدة فمنها خرج وعليها يحيا وإليها سيعود.
وجود بعض النباتات داخل منزلك أو حديقة بسيطة خارجية قد تشفيك من أمراض لا حصر لها، إنها رحلة التقاء بين الجسد والروح والطبيعة، لقد أثبتت الدراسات أن البستنة تساعد كل من يعاني صدمة خسارة شخص عزيز أو التوتر والإجهاد أو أمراض المفاصل والأمراض النفسية والخرف على التعامل مع الوضع، وتقبل مجرى وطبيعة الحياة، وإعادة الصحة والقوة إلى عقلك وجسدك. أظهرت دراسة أسترالية، أن الأشخاص الذين يعملون بانتظام في الحديقة لديهم خطر أقل بنسبة 36 في المائة للإصابة بالخرف. وتوصلت دراسة هولندية إلى أن البستنة تكسر هرمون "الكورتيزول" بشكل أسرع من قراءة كتاب.
ففي الحدائق والبساتين ترى دورة الحياة في كائن آخر أمامك "النباتات" التي تغرسها بذرة ثم تراها تنمو أمامك ثم تتساقط أوراقها وتذبل وتموت، ما يساعد كل من يعاني الفقد على تجاوز محنته. ويستعيد المرضى الذين يتعافون من العمليات الجراحية العظمية والترميمية حركتهم وقوتهم في محيط حديقة طبيعية.
تم تسجيل العلاج النفسي بالبستنة لأول مرة في تاريخ البشرية، عندما وصف أطباء البلاط الملكي الفرعوني ضرورة السير ببطء في حدائق القصور للملوك الذين أصيبوا بالاضطرابات النفسية، بما في ذلك مرضى العقول وحالات العته والخرف، شرط أن يتأملوا الأزهار والورد والرياحين، وألوان المياه، ونوافيرها، ويلمسوا بأيديهم نعومة الأوراق، ويشموا الروائح العطرة، ويتذوقوا الثمار مع وصفها بدقة، وضرورة معرفة الفروق الدقيقة بين أشجار المناظر الطبيعية والأشجار المزهرة والمثمرة، بهدف تغيير الحالة النفسية والحصول على الراحة النفسية بشكل مستمر ومستقر وطويل المدى، الأمر الذي يناظر تدريبات التأمل والتعقل وتهدئة الحواس والاسترخاء بجميع أشكاله وأنواعه في الوقت الراهن.
اكتسب استخدام العلاج بالبساتين أو الحدائق اهتماما واسعا في معظم دول العالم شرقا وغربا، لذا نرى انتشار مراكز العلاج البستاني والحدائق العلاجية بتصاميمها المميزة في جميع أنحاء البلاد استجابة للاعتراف والقبول المتزايد للعلاجات الطبيعية، إنها مراكز لإعادة التأهيل الجسدي واكتشاف الذات!

إنشرها