Author

الأعياد والمناسبات في المجتمع السعودي

|

التواصل والحرص على تلبية دعوات اللقاء بين أفراد المجتمع السعودي تعد من أهم الصفات المميزة لهذا المجتمع، بل من النعم التي نشكر الله عليها. ولقد بدأ الآباء ومن قبلهم الأجداد هذه اللقاءات، بإقامة مأدبة العيدين في الشوارع، حيث يخرج من كل بيت نوع من الطعام طبخ في المنزل، وينتقل المعيدون من صحن إلى آخر ولا بأس من العودة إلى الصحن الأول إذا كانت الطبخة مميزة، حتى يفرغ الإناء دون الأخر، وتمدح ربة البيت بجودة طبخها. ولعل أهم طبق للعيد في منطقة نجد كان "الجريش"، وما زالت له مكانة ضمن أطباق العيد. وما دمنا نتحدث عن العيد، نقول إن أغلبية الأسر اتفقت منذ القدم حتى الآن على أن اجتماع العيدين عند أكبر الأسرة سنا وفي ذلك إظهار للاحترام له.
ويكون عادة بعد صلاة العيد مباشرة بحيث يسلم أفراد الأسرة على بعضهم خلال اللقاء، ولا داعي للبحث عنهم بعد ذلك للسلام. واجتهد البعض أخيرا بجعل اجتماع العيد مثل الدورية، بحيث ينتقل من شخص إلى آخر، كما عدل بعضهم الوقت، ليكون ظهرا أو في المساء. ولا أجد أن هذه الاجتهادات قد نجحت -حسب رأيي المتواضع- لأن كبير الأسرة لم يعد له أي ميزة، ولأن الصباح الباكر هو يوم العيد الحقيقي.
وبالنسبة إلى حفلات الزواج فقد مرت بالتدرج نفسه، فكانت تقام في الشوارع الجانبية أو الأراضي الخالية في الحي قبل وجود قصورالاحتفالات والصالات والفنادق، وكان يكفي أن يتم فرش السجاد مع عقد من الإضاءة ليعرف أن هذا حفل زواج، وتنصب القدور الكبيرة بجوار هذا المكان لطبخ محتويات المائدة من اللحوم والأرز الذي في الأغلب كان يؤكل كاملا. ولا أحد يسلم ثم يستأذن وينسحب، كما هو الحال الآن، حيث يحضر عدد كبير ويغادر بعضهم مبكرا قبل العشاء حسب ظروفه، وتبعا لذلك فإن اختصار موائد الطعام أمر منطقي ومطلوب حتى لا يستمر هدر الطعام الملاحظ بشكل مزعج.
ومع ازدحام الشوارع اقترح أحدهم مازحا أن يكون حضور حفلات الزواج عن بعد عبر شاشة كبيرة يظهر فيها العريس وأسرته، ملوحين ومرحبين صوتا وصورة بمن يرغب أن يكون حاضرا عن بعد، ومن يدري ربما نلجأ إلى هذه الطريقة، كما استخدمت في مجالات عديدة أثناء أزمة كورونا -لا ردها الله.
وأخيرا، كتبت هذا المقال بعد لقاء عيد الفطر المبارك، حيث سرني اجتماع الأسر وحرص الشباب بالذات على الحضور، حتى أصبحت النسبة فعلا تصل إلى 70 في المائة، ولله الحمد، ومع ذلك لا بد من الحث على التواصل وتلبية الدعوات، وهذه الصفة تترك أثرا مريحا في النفس. وستجد الجميع يلبي دعوتك لأي مناسبة. وبقيت بعد ذلك دعوة لمن يقرأ هذا المقال من سكان المناطق المختلفة في بلادنا الغالية التي تحتوي تنوعا ثقافيا جميلا. أدعو أولئك إلى المشاركة بعادات اجتماعات الأعياد وحفلات الزواج في مناطقهم حاضرا وماضيا لتعم الفائدة للقراء على وجه العموم.

إنشرها