Author

صندوق متداول مكون من شركة واحدة .. لماذا؟

|
مختص بالأسواق المالية والاقتصاد

كثير منا يعرف عن الصناديق المتداولة التي تعد صناديق مشابهة لصناديق الاستثمار التقليدية غير أنها متداولة، بمعنى أنه يمكن بيعها وشراؤها من السوق تماما كالأسهم، حيث لا يوجد أي فارق في طريقة تداولها مقارنة بالأسهم. وميزة هذه الصناديق أنها تجمع أسهم عدة شركات في سهم واحد، هذا إذا كانت صناديق أسهم، أو قد تكون لسلعة واحدة، كالذهب أو البترول، وبالطبع يمكن أن تكون صناديق لأي أصول أخرى كالعملات والسندات والعقار، أو قد تكون صناديق خاصة مصممة لأغراض محددة، مثل صندوق متداول مختص برصد مقدار تذبذب الأسهم حيث يستفيد المتداول من ارتفاع أو انخفاض نسبة التذبذب في الأسهم، كما يتم قياس ذلك من خلال مؤشر "فيكس" الشهير.
هل من فائدة لوجود صندوق متداول مكون من أسهم شركة واحدة فقط؟ ولماذا لا يقوم المستثمر بشراء أسهم الشركة مباشرة دون الحاجة إلى هذا النوع من الصناديق؟ ما القصة؟
أولا، يقدر عدد الصناديق المتداولة في العالم بنحو 8750 صندوقا كما في نهاية 2022، يوجد منها في المملكة ثمانية صناديق متداولة فقط، تتنوع ما بين صناديق مؤشرات أسهم وصندوق للذهب وصندوقين للصكوك وغيرها، كما يوجد 19 صندوقا عقاريا متداولا.
في المقابل في المملكة هناك 260 صندوق استثمار تقليدي غير متداول، وسبب كثرة عدد هذا النوع يعود لكون الصناديق الاستثمارية معروفة منذ القدم، وكذلك لوجود من لا يرغب في تداول الأسهم مباشرة، فيفضل القيام بذلك عن طريق الصناديق، والسبب الأهم يعود لعدم وجود تنوع في الصناديق المتداولة الحالية مع ضعف في السيولة اليومية المتداولة، وبالتالي لا يوجد بديل لكثير من المستثمرين فيستمرون في التعامل بالصناديق الاستثمارية التقليدية.
أما سبب بروز الصناديق المتداولة الخاصة بشركة واحدة فهو نتيجة التطورات الكبيرة في المنتجات الاستثمارية التي تقدم للمستثمرين، فأصبحت هناك مؤسسات مالية تقوم بتصميم منتجات تتناسب مع رغبات المستثمرين، وبالذات عامة المستثمرين وليس المختصون ولا المحترفون. فمثلا هناك حاجة لدى البعض إلى القيام بالبيع على المكشوف لكنهم إما لا يعرفون كيفية القيام بذلك، أو أنهم يعرفون ذلك لكنهم يتداولون من خلال وسطاء لا يسمحون لهم بالبيع على المكشوف.
السبب الآخر لحاجة بعض المستثمرين إلى التعامل بالصناديق المتداولة لشركة واحدة هو أن هناك صناديق تتعامل بالرافعة المالية، حيث يمكن للمستثمر تحقيق مرة ونصف إلى مرتين من مقدار الربح والخسارة، بينما لا يمكنه القيام بذلك في حال قام بشراء الأسهم مباشرة. كما يمكن التعامل بصناديق ذات رافعة مالية عكسية، حيث لو أن السهم انخفض بنسبة 3 في المائة، يتم تحقيق ربح بمقدار 6 في المائة، ولو ارتفع السهم بنسبة 3 في المائة يخسر المتداول 6 في المائة، وهكذا.
حاليا يوجد عدد كبير من الصناديق المتداولة المكونة من شركة واحدة، ومنها صناديق برافعات مالية عادية وعكسية لشركات مثل "أبل" و"تسلا" و"مايكروسوفت" و"نايكي" و"أمازون" و"جوجل" وغيرها. وطريقة عمل الصناديق برافعة مالية هي أنها تستخدم أدوات مالية متنوعة لتحقيق ذلك، منها الاقتراض على الهامش حيث يمكن للصندوق الحصول على قرض بحد أقصى 100 في المائة من أصول الصندوق، إضافة إلى الحصول على ثلاثة أضعاف الأصول من خلال آلية التداول اليومي، وكذلك من خلال التعامل بعقود الخيارات والعقود المستقبلية.
من المهم الإشارة إلى أن من يتعامل بهذه الصناديق عادة يقوم بذلك على المدى القصير لتحقيق متطلبات توازن معين للمحفظة أو لإجراء تحوط ضد تقلبات الأسعار، أو كما ذكرنا في بعض الحالات هناك من يلجأ إليها لعدم قدرته على التعامل بالبيع على المكشوف وكذلك لحاجته إلى الحد من المخاطرة كما قد يتعرض له في حال تعامل بالهامش أو التداول اليومي.
النقطة الأخيرة هي أن هناك صناديق تتعامل بالرافعة المالية إلى ثلاثة أضعاف الربح والخسارة لكنها تكون إما صناديق مؤشرات أسهم أو أصول أخرى، وليست لشركة واحدة فقط، ومن أشهر تلك الصناديق المتداولة هناك صندوق برافعة ثلاثة أضعاف حركة مؤشر ناسداك لأهم 100 شركة، عادة يصل حجم تداوله اليومي إلى أكثر من عشرة مليارات ريال.
كذلك يجب التنبيه على نقطة أخرى مهمة، وهي أن مقدار الرافعة المالية صحيح ويتم تحقيقه على مستوى اليوم الواحد، وليس بالضرورة على أكثر من يوم، بمعنى أن في أي يوم من الأيام سنجد أن الصندوق بالفعل يحقق ضعفي نتيجة أداء السهم لذاك اليوم، في حال صناديق برافعة مضاعفة الأداء، لكن لو نظرنا إلى أداء الصندوق لعدة أيام أو أسابيع فسنجد أن هناك اختلافات كبيرة، قد تزيد أو تنقص عن مقدار الرافعة المالية المذكورة.
سبب تفاوت الأداء في صناديق الرافعات المالية يعود لطبيعة عمل الرافعة المالية، فمثلا لو أن سهم "تسلا" ارتفع 5 في المائة بالأمس، وارتفع 5 في المائة اليوم، فيكون ارتفاع السهم خلال هذين اليومين 10.25 في المائة، ويكون ارتفاع الصندوق المتداول الخاص بالشركة 21 في المائة، وليس 20.5 في المائة، وتظهر الفروق أكبر من ذلك في حالات النزول ثم الصعود وهكذا.
منذ أعوام طويلة وهناك توجه كبير نحو الصناديق المتداولة كبديل للصناديق الاستثمارية، والسبب مرونتها وانخفاض تكلفتها وتعدد ألوانها وأشكالها، فستجد صناديق متداولة تغطي توجهات استثمارية متنوعة ودقيقة، مثلا هناك صناديق لأسهم الشركات التي لها شعبية في مواقع التواصل الاجتماعي، وصناديق لأسهم شركات إنتاج اللقاحات وصناديق لأسهم شركات الطاقة الشمسية وهكذا. وكما ذكرنا هنا توجد صناديق لأسهم فردية للاستفادة من أساليب تداول قد لا تكون متاحة للمتداول العادي.

إنشرها