الريادة سعودية والمعايير إنسانية

يتحدث التاريخ الإنساني كل يوم عن موقف جديد، ومشهد متجدد من المواقف الإنسانية الراسخة الثابتة التي تؤكدها المملكة العربية السعودية على أرض الواقع قولا وفعلا، من خلال مواقفها النبيلة تجاه الإنسان أولا وقبل كل شيء، بغض النظر عن دينه وجنسه أو لونه ومذهبه، بعيدا كل البعد عن الشعارات الصورية والسياسية.
ولا غرابة أن تتحرك السعودية بحكم موقعها الجغرافي والاستراتيجي، وهي حلقة وصل لقارات العالم ودوله وأقلياته كلها، وتبذل جهودا إنسانية حقيقية وتسلك طريقها متلمسة حاجة الإنسان إلى الإنسان، وتؤديها بالطرق كلها بما يرتضيه ديننا السمح وعقيدتنا الصالحة المتصالحة مع الجميع في جهات الأرض كلها، وعن إيمان صادق وصفاء قلب ويقين ثابت لا يتخلله أو يشوبه قصد سيئ، حتى غدت الإنسانية سمة وسمعة وصفة سعودية متلازمة بها، وصارت ظاهرة واضحة جلية، فتاريخ المملكة مشهود، ومواقفها معروفة في بذل الخير، وتقديم العون الإنساني والإغاثي، فهي الرائدة في هذا المجال.
وعلى هذا الصعيد، فإن التحرك السعودي السريع لإجلاء المواطنين السعوديين، ورعايا دول شقيقة وصديقة عقب الأحداث الأخيرة التي شهدها السودان، قد حقق غاياته.
وهذه الغايات تستند إلى القاعدة المعروفة عند القيادة السعودية، وهي حماية أرواح المدنيين الأبرياء في كل مكان، بصرف النظر عن جنسياتهم وانتماءاتهم، وبذل كل ما يلزم من جهود لتأمين المتضررين بصرف النظر عن الأسباب التي أدت إلى مشكلاتهم ومصاعبهم ومصائبهم. وتقديم الدعم اللوجستي في الجوانب كلها.
والمملكة أثبتت مرة أخرى مدى جاهزية أدواتها في تنفيذ المهام الإنسانية، واحترافية القائمين على الجهات ذات الصلة. فعمليات الإجلاء التي تمت حتى الآن من السودان، جرت وفق أعلى المعايير العملية والإنسانية، وقدمت مثالا يحتذى به بالفعل في هذا المجال. فحتى التفاصيل الدقيقة كانت حاضرة مع وصول الأشخاص الذين تم إجلاؤهم إلى ميناء جدة. فالعملية شاملة، لها روابطها الأساسية والفرعية أيضا.
في المملكة العربية السعودية يأتي الإنسان أولا، دون النظر إلى أي اعتبارات، وتأتي حمايته في المقدمة. ومن هنا تنطلق الجهود في مناطق الاضطرابات والمواجهات العسكرية والكوارث الطبيعية وغير ذلك من مسببات الأزمات، مسنودة بقوة بحراك على أعلى المعايير. وكان هذا واضحا من خلال موجات ورسالات الشكر والتقدير من جانب عشرات الدول للرياض، معززة باتصالات مباشرة على هذه الجهود، وعلى احترافية الأداء، ومثالية مخططات الإنقاذ السعودية الجاهزة في الأوقات كلها.
لا علاقة للتحرك السعودي الإنساني بأي من الفرقاء المتحاربين في هذه المنطقة أو تلك، إنه سلسلة لا تنتهي من جهود لها هدف واحد فقط هو حماية الإنسان وصون كرامته وتوفير احتياجاته في أوقات الأزمات وغيرها.
فالمملكة لم تتوقف عن توفير الدعم حول العالم لمن يحتاج إليه، سواء كان المحتاجون يعيشون حربا أو اضطرابات أو استقرارا.
والسعودية المعروفة أساسا بتمسكها بإغاثة الملهوف، وبتوفير الحماية لمن يستجير بها، لا تنحاز إلا للإنسانية. فلم تتخذ موقفا مع أي من الفريقين المتحاربين حاليا في السودان، وكل هموم قيادتها أن تكون الأضرار البشرية بأقل مستوى ممكن.
تقف الرياض دائما إلى جانب السلام والأمن وصون كرامة الإنسان في الأوقات كلها ونشر الطمأنينة لجميع شعوب العالم، وهذا هو شعارها الدائم النابع من مواقفها الأصيلة، ولا تتوانى عن القيام بجهود فاعلة لإتمام ذلك.
إنها استراتيجية يمكن أن نطلق عليها توصيف "استراتيجية الإنسانية"، التي تضع مصلحة البشر في المقدمة في الأزمنة كلها.
المملكة بذلت "وتبذل" جهودا في الوقت الراهن على الساحة السودانية، لتقليل الآثار المدمرة للمواجهة العسكرية في هذا البلد الشقيق، وهي في الوقت نفسه، لم تتوقف عن التحرك من أجل إنهاء هذا النزاع عبر الحوار، سواء بجهودها المباشرة، أو عبر جهود مشتركة مع عدد من الدول المؤثرة في المشهد العام.
خلال الأعوام الماضية، وفرت برامج "رؤية المملكة 2030" الأدوات اللازمة كلها لتطوير أداء سفارات السعودية حول العالم. فهذه "الرؤية" أحدثت تحولات في كل المجالات والقطاعات المحلية والخارجية، وهي ماضية في تحقيق أهدافها بأعلى معايير الجودة. التطوير النوعي لأداء البعثات الدبلوماسية والقنصلية، لم يؤد إلى توفير الخدمات الممتازة للذين يحتاجون إليها من السعوديين فحسب، بل شمل أيضا الخدمات التي يحتاج إليها من يقصدها حقا، بصرف النظر عن جنسيته. فهي توفر المساعدات اللازمة عندما يتطلب الأمر ذلك، والدعم المعنوي أيضا.
كل ذلك يتم على مبدأ الإنسان أولا، بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي