السياحة السعودية بصناعة الرؤية
وفرت رؤية المملكة 2030 كل الأدوات اللازمة لدعم القطاع السياحي في السعودية، الذي يمثل محورا رئيسا من محاور خطة البناء الاقتصادي الوطني المتجددة، ولأهمية القفزات التي حققها هذا القطاع الحيوي، التي لا تكمن فقط في نوعيتها، بل في سرعة تكريس السياحة كرافد آخر للاقتصاد المحلي، في الوقت الذي استكملت فيه مشاريع استراتيجية قبل مواعيدها الموضوعة لها. وإذا كان القطاع السياحي جديدا بعض الشيء على السعودية، إلا أنه يستند إلى أسس قوية من حيث الإمكانات والمواقع والتنوع التراثي الثقافي الترفيهي، واتساع رقعة دائرته التي تدخل ضمن هذا القطاع، بما في ذلك المؤتمرات المتعددة، والمناسبات المحلية والعالمية، والفعاليات الموسمية والمواسم الترفيهية، والنشاطات الفنية المختلفة وغيرها.
وهذه الساحات تتوسع وتتجدد وتتنوع، مع نمو لا يتوقف للسياح والزائرين القادمين إلى المملكة.
وشهدت السياحة المحلية مراحل من التطوير حتى أصبحت قطاعا منظما مدعوما باللوائح والأنظمة والمشاريع والبرامج، وتعززت الصورة بعد إطلاق التأشيرة السياحية الإلكترونية في تسهيل إجراءات الزيارة وفتح أبوابها للعالم، نظير العوامل والمقومات التي تتمتع بها السعودية في استقطاب السياح، فجاءت "الرؤية" ومشاريعها المدروسة بحكمة، يقودها مشروع البحر الأحمر وأمالا ونيوم والقدية، وغيرها لترسم المستقبل الذي يجعل المملكة على قائمة الدول الرائدة في مجال السياحة.
ولأن الأمر كذلك، كان من الطبيعي أن يرتفع الإنفاق في القطاع السياحي في العام الماضي بمعدلات فلكية حقا ومنظورة، حيث وصل إلى نحو 185 مليار ريال، بزيادة بلغت 93 في المائة عن العام الذي سبقه.
ولم تشهد دولة تحقيق هذا الارتفاع في عام واحد على الإطلاق وتسجل أرقاما إيجابية، ما يعزز الاعتقاد بأن المسار السياحي يمضي قدما، ليكون جزءا أصيلا من الميادين التي تحقق مستهدفات "رؤية المملكة".
وليس هذا فحسب، فمن المتوقع أن تحتل السعودية المرتبة الـ17 في جذب السياح على المستوى الدولي، مع ضرورة التأكيد على أن الأرقام التي تحققت في هذا المجال، تعد الأعلى قاطبة مقارنة بالأرقام في دول "مجموعة العشرين".
والنمو الكبير في الإنفاق السياحي للعام الماضي تجاوز بمراحل واسعة مستواه ما قبل جائحة كورونا، أي أن التعافي من هذا الوباء العالمي، كان سريعا على الساحة السعودية من النواحي الصحية والاقتصادية والتنموية.
المملكة تستهدف في العام الحالي الوصول إلى 25 مليون زائر من الخارج، وهذا الرقم يمكن أن يتحقق بالفعل فيما لو نظرنا إلى سرعة تطور ونمو القطاع السياحي المحلي عموما، والتسهيلات التي قدمت في هذا الجانب لاستقطاب السياح من جميع أنحاء العالم من خلال الخواص والمميزات السياحية التي تتمتع بها السعودية من مواقع أثرية وتاريخية وطبيعة خلابة تجذب السياح. خصوصا إذا ما أخذنا في الحسبان حرص السلطات المختصة على توفير الخدمات للزائرين والسياح بأعلى معايير الجودة، فضلا عن طرح المشاريع المعززة للسياحة بشكل عام، من منطلق تعزيز قطاع يسهم مباشرة في الاقتصاد الوطني، ويدعم مسار البناء الاقتصادي ككل.
وتوفر القيادة كل الدعم والوسائل والإمكانات اللازمة لتحقيق الأهداف، بما في ذلك سن القوانين المرنة بصورة تدعم المشهد السياحي العام على أساس الاستدامة. فالسعودية لديها ما تقدمه بالفعل، وتتمتع بإمكانات متاحة في هذا الميدان الحيوي الواسع.
ونظرا إلى ما تتمتع به السعودية من مكانة قوية وسمعة ائتمانية عالية حتى في أوقات الأزمات العالمية، فإن القطاع السياحي يستقطب استثمارات محلية وأجنبية متنوعة، في الوقت الذي وفرت فيه وزارة السياحة جملة من التسهيلات لدعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة المعززة للحراك السياحي العام، بما في ذلك الاقتراض المشترك مع قطاع البنوك لتمويل المنشآت الخاصة في هذه الساحة.
وهذا في حد ذاته يمثل قوة دافعة لرفع مستوى مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي من 3.2 إلى 10 في المائة بحلول 2030.
وإذا استمر هذا التطور بهذه الوتيرة، فإن تحقيق هذا الهدف قد يتم قبل الموعد الوارد في مخططات "الرؤية".
فالنمو سريع وكبير ليس فقط في أعداد الزائرين والسياح القادمين إلى المملكة، بل في مجال التوظيف في هذا القطاع، ولا سيما فيما يختص بالكوادر الوطنية. فقد بلغ عدد وظائف السياحة العام الماضي 880 ألفا، بارتفاع قدره 15 في المائة.
وهذه أيضا نسبة مرتفعة، خصوصا إذا ما عرفنا أن حصة السعوديات في التوظيف بلغت 44 في المائة من إجمالي العاملين. قطاع السياحة السعودي، يمر بكل المراحل الصحية الواجبة والمتعافية، بما في ذلك التنافسية التي تشكل دافعا وحافزا لمزيد من المخرجات في هذا القطاع المتجدد.