Author

خطاب التأمين

|

لو حدث ورفعت شركات التأمين الطبي أسعار وثائق التأمين، ثم قالت مبررة إن السبب هو كثرة المرضى لغضب منها الرأي العام، لكنها لو قالت إن السبب هو ارتفاع أسعار الأدوية، ورفع المستشفيات أسعار الكشف، والإجراءات الطبية، لتحول جزء كبير من الغضب إلى الطرف الثالث في معادلة التأمين.
أحيانا يحتاج المتحدث الرسمي إلى إعادة ترتيب الجمل فقط لا غير، فالناس دائما تأخذ الجمل الأولى وتبني عليها ردود أفعالها، حدث هذا أخيرا مع المتحدث عن شركات التأمين على السيارات، حيث بدأ بجملة "كثرة حوادث السيارات"، ثم أعقبها بالجمل التي أراها أهم، وهي: ارتفاع أسعار السيارات، والصيانة، وقطع الغيار، خاصة من وكلاء السيارات، الوكلاء شبه المحتكرين في أغلب الأحيان.
ردود فعل الناس تركزت على جملته الأولى، وكان ردهم المنطقي أنه يجب رفع الأسعار على من يرتكبون الحوادث باستمرار، وخفضها أو على الأقل عدم رفعها على الملتزمين بالقيادة الآمنة الذين قلما يسجلون حوادث أثناء فترة سريان وثائقهم.
تتداول شركات التأمين أن السيطرة على ارتفاع الأسعار مرتبطة بإلزامية التأمين، وأن المؤمنين فقط 50 في المائة من أصحاب السيارات، وهنا أيضا خطأ اتصالي آخر، فهي كأنما تقول للرأي العام، إنها تعاقب الملتزمين بالتأمين بجريرة أولئك المخالفين للنظام ولا يقومون بالتأمين على سياراتهم.
الشركات معها حق في حماية مصالحها، فمعظمها شركات مساهمة عامة تخضع إلى الحوكمة العالية المعروفة عن القطاع المالي الذي يشرف عليه البنك المركزي السعودي، لكن العملاء أيضا معهم حق في الامتعاض من ارتفاع الأسعار، ويبدو لي أن القضية تبدأ من معالجة اختلالات سوق السيارات نفسها من جهة الوكلاء الذين يرفعون الأسعار، والمدد، مدد الإصلاح وتوفير قطع الغيار، وهذا من مسببات ارتفاع التكلفة على شركات التأمين وعلى الناس.
بعد مراجعة وضع وكالات السيارات، نحتاج إلى مراجعة آليات الإلزام بالتامين، وربطها برخص السير ورخص القيادة، وهذه الرخص نعرف أن كثيرا من الناس يسير في الشوارع دونهما أو دون تجديدهما إهمالا أو تعمدا لعدم الرغبة، أو القدرة على سداد المخالفات، والرسوم، رسوم الرخص، وبالطبع التأمين. أيضا هناك مشكلة في الوعي التأميني الذي تحتاج شركات التأمين إلى أن تزيده وتستثمر فيه بطرق اتصالية ذكية وفاعلة.
قطاع التأمين من القطاعات المهمة، وهو من القطاعات الجيدة في السعودة، وفي هذا القطاع مئات آلاف المستثمرين السعوديين والأجانب في أسهم شركات التأمين الذين يعدون من أصحاب المصلحة، لكن يبقى حملة الوثائق الأهم في نجاح القطاع.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها