Author

قراءة في تحديات الطاقة الكهربائية العالمية «1 من 3»

|

أستاذ الطاقة الكهربائية ـ جامعة الملك سعود

[email protected]

لا تزال الطاقة تهيمن كأحد التحديات والتطلعات في العالم مع بداية العام الجديد 2023 ولا تزال حديث الساعة، خصوصا مع الأزمة الروسية - الأوكرانية وأثرها البليغ خاصة في دول الاتحاد الأوروبي.

ونتجت كأزمة طاقة بناء على عدة عوامل اقتصادية، بما في ذلك الانتعاش الاقتصادي السريع بعد جائحة كورونا الذي تجاوز إمدادات الطاقة وتصاعدت إلى أزمة طاقة عالمية واسعة النطاق بعد الأزمة الروسية - الأوكرانية.
وتقع صناعة الطاقة في قلب أي اقتصاد متطور، ففي المملكة المتحدة، تدعم أكثر من 700 ألف وظيفة وتسهم في مبلغ 27 مليار جنيه استرليني سنويا في إجمالي القيمة المضافة.

وتواجه صناعة الطاقة عموما تحديات في الأعوام المقبلة مع التغير المناخي والتحديات الجيوسياسية والصدمات المستمرة في سلاسل التوريد.

وسيتطلب الأمر استثمارات ضخمة لمواجهة هذه التحديات إضافة إلى مستويات عالية من الابتكار عبر هياكل المنظمات بأكملها، ولذلك يجب تحسين عمليات صناعة الطاقة من التفكير الاستراتيجي إلى التشغيلي.

ولقد نما عدد من التحديات التي يجب على المنظمات فهمها، ومنها صعوبات فنية واقتصادية في إزالة الكربون، وتحديات تتعلق بالابتكار، وزيادة التكاليف وعدد من التغيرات الجيوسياسية التي حصلت في العالم أخيرا.

لكن لا تخلو هذه التحديات من فرص تستحق الدراسة والكتابة لاحقا.
لقد نما استهلاك الكهرباء في العالم بشكل مستمر خلال نصف القرن الماضي، حيث وصل إلى ما يقرب من 26 ألف تيرا واط ساعة في 2022.

وبين 1980 و2022، تضاعف استهلاك الكهرباء لأكثر من ثلاثة أضعاف، بينما زاد عدد سكان العالم بنحو 0.75 في المائة وتخطى حاجز ثمانية مليارات نسمة.

ولقد أدى النمو الصناعي والسكاني في العالم إلى زيادة الطلب على الكهرباء، حيث تمثل نحو 20 في المائة من إجمالي الاستهلاك النهائي للطاقة في العالم، لكن حصتها من خدمات الطاقة صارت أعلى بسبب كفاءتها.

إنه لأمر أساس في عديد من جوانب الحياة اليومية إذ يصبح أكثر أهمية مع انتشار وتوسع استخدامات الكهرباء في مجالات جديدة مثل المركبات الكهربائية والمضخات الحرارية.

واستحوذت صناعة الكهرباء على 59 في المائة من ناتج إجمالي الفحم المستخدم عالميا في 2021 جنبا إلى جنب مع ناتج 34 في المائة من الغاز الطبيعي و4 في المائة من النفط و52 في المائة من جميع مصادر الطاقة المتجددة و100 في المائة تقريبا من الطاقة النووية، لكن أصبحت صناعة الكهرباء العالمية مسؤولة عن أكثر من ثلث مجموع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة.

ويتم بناء طاقة الرياح والطاقة الشمسية على نطاق واسع في الدول التي ينمو فيها الطلب على الكهرباء بشكل متسارع مثل الصين والولايات المتحدة والهند ودول الاتحاد الأوروبي.

وأصبح الطلب على الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة في العالم، وصار ينمو بشكل متزايد بحيث لم تكن ثمة حاجة إلى بناء محطات توليد إضافية من الوقود الأحفوري في العام الماضي.
وتعد الصين أكبر مستهلك للكهرباء في العالم في العام الماضي، حيث تستخدم أكثر من 5.934 تريليون كيلوواط ساعة من الطاقة سنويا وتمثل ما يقرب من ربع استهلاك الطاقة العالمي كما تشتهر بأنها تنتج الكهرباء بوساطة الفحم بشكل أساس، لكنها تحولت إلى الغاز الطبيعي ومصادر الطاقة المتجددة في الأعوام الأخيرة.

ونظرا إلى الطلب والنمو المتزايد في التطورات والتقنيات المستجدة، هناك عديد من التحديات التي يتعين على مشغلي شبكات الكهرباء مواجهتها.

ومنها تزايد إنتاج مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة الفقد الكهربائي والانقطاعات الكثيرة ذات الأثر العظيم على المجتمع والصناعة، ومنها عدم القدرة على تحسين الشبكات الكهربائية وتهديد الهجمات الإرهابية والأمن السيبراني، ومنها أيضا تقادم الشبكات الكهربائية ومكوناتها وسبل إدخال المركبات الكهربائية في النظام بكل أمان.

وفي المقالات المقبلة، سنستعرض بكل إسهاب تلك التحديات التي تجابه صناعة الكهرباء العالمية واقتراح الحلول المناسبة لها.. يتبع

إنشرها