Author

مشاهد على الطريق

|

مهما بلغ بك الحرص المجتمعي في محاولة تعديل بعض السلوكيات الخاطئة، إلا أنك ستقف عاجزا أحيانا بحكم خوفك من عدم تقبل الطرف الآخر النصيحة وردة فعله غير المتوقعة، أو لأنك ستجد من يقول لك، "والله من اللقافة دع الخلق للخالق"، أو ربما لرغبتك في عدم إحراج من معك والتنغيص عليهم بطلعتهم وسحبهم نحو مشكلة لم يحسبوا لها حسابا، لكن أيا يكن الأمر فالكاتب هو مرآة مجتمعه ومن يفترض أن يصنع من قلمه مشرطا جراحيا يحاول من خلاله إلقاء الضوء على بعض السلوكيات الخاطئة التي يصادفها في طريقه.
- من المشاهد الاستفزازية رؤية والدة لا مبالية تسير وهي تنظر إلى المحال والمعارض وأطفالها يسيرون خلفها، منهم من هو في العاشرة والسادسة، ومنهم من لا يزال صغيرا يتعثر في خطواته، غير عابئة بخطر السيارات العابرة للشارع، ولا بأي شيء قد يشد انتباه الطفل فيهرع إليه غير مدرك لما قد يترصده من شر، وحين تنتبه متأخرة بفقدها صغيرها، ستملأ المكان صراخا وعويلا وتشغل الناس والأمن وتسبب "بلبلة" كان من الممكن تفاديها لو كان أطفالها يسيرون أمامها أو بجوارها، أو وهي ممسكة بأياديهم استشعارا بمسؤوليتها نحوهم.
ـ من المشاهد الأخرى رؤية بعض الأسر في المطاعم والكافيهات، بدل أن يستمتعوا باللمة العائلية مع بعضهم في المكان الجميل الذي اختاروه، تجدهم بمجرد جلوسهم حول الطاولة يخرج كل واحد منهم جواله ويجلس مطأطئ الرأس ينظر إليه، حتى الطفل الرضيع يعطونه جوالا ليسكت، ثم يقوم كل واحد منهم بتصوير ما أمامه ويأكل بصمت ثم تنتهي الطلعة ويرحلون، يوجعني قلبي حين أرى ذلك وأتساءل، هل يدركون قيمة تلك الساعات في حوارهم مع بعضهم وقيمة تلك المشاعر والذكريات والأوقات الجميلة التي أهدروها بصمتهم؟!
ـ من المشاهد السلبية حين أرى امرأة كبيرة في السن أو شيخا كبيرا يلتزم بالطابور وأمامه أربعة أو خمسة من الشباب الأقوياء الذين من الممكن أن يكونوا في عمر أحد أبنائه أو أحفاده، ورغم ذلك لا تبدر منهم أي لافتة إنسانية بتقديمه عليهم احتراما لأعوام عمره ورحمة به من الوقوف الطويل في الطابور.
أما أكثر المشاهد أنانية فهي حين ينهض بعض المتسوقين تاركين نفاياتهم خلفهم على الكراسي، رغم أن سلة المهملات غير بعيدة.
أما الممشى الذي يمارس فيه الناس رياضة المشي بصعوبة بسبب دراجات الأطفال والسكوترات والعربات، فهذا حكاية أخرى.
وخزة:
"اللطافة المجتمعية هي أن تنشر المحبة والسلام والإنسانية حين تخرج من منزلك، لا أن تؤذي مشاعر الآخرين بتصرفاتك السلبية التي لا تمت إلى اللطف بصلة".

اخر مقالات الكاتب

إنشرها