سد الفجوة الرقمية .. أداء أفضل للدول الغنية

شهدنا في الأعوام القليلة الماضية إشارات إيجابية بشأن سد الفجوة الرقمية، لكن أحدث مؤشر لنضج التكنولوجيا الحكومية يظهر أن التفاوت الرقمي في العالم آخذ في الارتفاع. ويأتي مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية في وقت يتزايد فيه الطلب على الخدمات التي تقدمها الحكومات بوتيرة سريعة، ولا سيما أن الدول في مرحلة التعافي من جائحة كورونا، فضلا عن تزايد المخاوف بشأن أسعار الغذاء والطاقة وتحقيق السلام والاستقرار وتغير المناخ، ومستويات الديون آخذة في الازدياد، وموارد المالية العامة مجهدة.
ومع نهوض الحكومات لمواجهة هذه التحديات، يزداد الوعي بإمكانات التحول الرقمي لجعل القطاع العام أكثر كفاءة وشفافية واستجابة لاحتياجات المواطنين وقدرة على الصمود. والتحول الرقمي ليس هدفا ثابتا ولا عملية تسير في مسار مستقيم. ويستهدف مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية - الذي أطلقه قطاع الممارسات العالمية للحوكمة في البنك الدولي في 2020 وتم تحديثه هذا العام - مساعدة الحكومات على إحداث التحول المنشود من خلال الإجابة عن الأسئلة التالية:
أولا، ما الأولويات وما نهج السياسات التي يجب اعتمادها؟
ثانيا، ما العوامل المحركة، وعوامل التمكين الأساسية، ودعائم البناء التي يجب تطبيقها؟
ثالثا، كيف يمكن تأمين الرقمنة المتسقة والمستدامة للقطاع العام؟
وطبيعة الفجوة الرقمية معقدة ومحل جدل، وقياسها استنادا إلى المؤشرات ذات الصلة ليس مهمة سهلة. ولذلك، أنشأ البنك الدولي طريقة منهجية لقياسها من خلال مؤشر يستند إلى معلومات موضوعية. وتقدم بيانات مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية لـ 2022 التي تم جمعها من 135 بلدا باستخدام 48 مؤشرا لمحة سريعة عن التقدم المحرز والفجوات في التحول الرقمي للقطاع العام، كما أنها تتيح المعلومات اللازمة لاتخاذ القرارات المستنيرة على مستوى السياسات.
وفيما يلي النتائج المهمة التي تم الوقوف عليها في مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية المحدث لـ 2022:
إحراز تقدم على الرغم من اتساع الفجوة الرقمية. ارتفع المتوسط العالمي لمؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية بسبب التحسينات الكبيرة في الأنظمة الحكومية الأساسية، والبنية التحتية الرقمية المشتركة، ومنصات تقديم الخدمات، وتنفيذ معظم عوامل التمكين للتكنولوجيا الحكومية بين الدول عالية الأداء "نحو 60 في المائة من 198 بلدا". لكن لا يوجد تحسن يذكر في المجالات نفسها في الدول المتبقية بسبب عدم توافر الموارد وعدم وجود السياسات الفاعلة.
هناك زيادة عامة في عدد الدول التي تحسنت فيها مستويات نضج التكنولوجيا الحكومية على مستوى مختلف المجموعات، في 2022، لا يزال 136 بلدا من بين 198 بلدا "69 في المائة في مجموعة مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية الخاصة بها ولم تخرج من هذه المجموعة مقارنة بـ 2020، في حين انتقل 52 بلدا "26 في المائة" إلى مستوى أعلى، وتراجع عشر دول "5 في المائة" إلى مستوى أدنى.
تباينات صارخة بين المناطق، سجلت دول منطقة أوروبا وآسيا الوسطى، وجنوب آسيا، والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي عموما، درجات أعلى في مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية، في حين سجلت الدول في منطقة إفريقيا وجاء بعدها دول شرق آسيا والمحيط الهادئ أدنى درجات التصنيف.
يرتفع مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية بين الدول الأعلى دخلا، وتصدر المشهد الدول المرتفعة الدخل والشريحة العليا من الدول متوسطة الدخل بـ58 و26 في المائة على التوالي، في حين لم تتجاوز النسبة 16 في المائة في الشريحة الدنيا من الدول متوسطة الدخل والدول منخفضة الدخل. وفي المقابل، بلغت نسبة الدول منخفضة الدخل على مؤشر المستوى الأدنى من الأداء 40 في المائة.
ويعني الارتباط بين مستوى الدخل ومؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية أن تخصيص موارد مالية كافية لأنشطة التكنولوجيا الحكومية ضروري للتحول الرقمي في القطاع العام.
تهيئة المجال لتحسين مشاركة المواطنين في الأنشطة الرقمية، على الرغم من أن الخدمات العامة عبر الإنترنت سجلت أعلى درجات تصنيف في المتوسط، سجلت مشاركة المواطنين في الأنشطة الرقمية والآراء التقييمية أدنى درجات تصنيف. ويشير هذا إلى أن الاقتصادات تميل إلى التركيز بدرجة أكبر على تقديم الخدمات العامة.
86 في المائة من الدول التي تعاني الهشاشة والصراع والعنف تقع في النصف الأدنى على مؤشر نضج التكنولوجيا الحكومية، ولا غرابة في ذلك، بل يؤكد هذا ضرورة إيجاد حلول محددة للبيئات منخفضة التكنولوجيا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي